فولى أبو بكر وهو يبكي وفي الحديث من الفوائد فضل أبي بكر على جميع الصحابة وان الفاضل لا ينبغي له ان يغاضب من هو أفضل منه وفيه جواز مدح المرء في وجهه ومحله إذا امن عليه الافتتان والاغترار وفيه ما طبع عليه الانسان من البشرية حتى يحمله الغضب على ارتكاب خلاف الأولى لكن الفاضل في الدين يسرع الرجوع إلى الأولى كقوله تعالى ان الذين اتقوا إذا مسهم طيف من الشيطان تذكروا وفيه ان غير النبي ولو بلغ من الفضل الغاية ليس بمعصوم وفيه استحباب سؤال الاستغفار والتحلل من المظلوم وفيه ان من غضب على صاحبه نسبه إلى أبيه أو جده ولم يسمه باسمه وذلك من قول أبي بكر لما جاء وهو غضبان من عمر كان بيني وبين ابن الخطاب فلم يذكره باسمه ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم الا إذا كان بن أبي طالب يريد ان ينكح ابنتهم وفيه ان الركبة ليست عورة * الحديث السابع (قوله خالد الحذاء حدثنا) هو من تقديم الاسم على الصفة وقد استعملوه كثيرا والاسناد كله بصريون الا الصحابي وأبو عثمان هو النهدي (قوله بعثه على جيش ذات السلاسل) بالمهملتين والمشهور انها بفتح الأولى على لفظ جمع السلسلة وضبطه كذلك أبو عبيد البكري قيل سمي المكان بذلك لأنه كان به رمل بعضه على بعض كالسلسلة وضبطها ابن الأثير بالضم وقال هو بمعنى السلسال أي السهل وسيأتي شرحها وتسميتها في المغازي إن شاء الله تعالى (قوله أي الناس أحب إليك) زاد في رواية قيس بن أبي حازم عن عمرو بن العاص يا رسول الله فأحبه أخرجه ابن عساكر من طريق علي بن مسهر عن إسماعيل عن قيس وقع عند ابن سعد سبب هذا السؤال وانه وقع في نفس عمر لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم على الجيش وفيهم أبو بكر وعمر انه مقدم عنده في المنزلة عليهم فسأله لذلك (قوله فقلت من الرجال في رواية قيس بن أبي حازم عن عمرو عند ابن خزيمة وابن حبان قلت اني لست أعني النساء اني أعني الرجال وفي حديث أنس عند ابن حبان أيضا سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليك قال عائشة قيل له ليس عن أهلك نسالك وعرف بحديث عمر اسم السائل في حديث أنس (قوله فقلت ثم من قال ثم عمر بن الخطاب فعد رجالا) زاد في المغازي من وجه آخر فسكت مخافة ان يجعلني في آخرهم ووقع في حديث عبد الله بن شقيق قال قلت لعائشة أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه قالت أبو بكر قلت ثم من قالت عمر قلت ثم من قالت أبو عبيدة بن الجراح قلت ثم من فسكتت أخرجه الترمذي وصححه فيمكن ان يفسر بعض الرجال الذين أبهموا في حديث الباب بابي عبيدة وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح عن النعمان بن بشير قال استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوت عائشة عاليا وهي تقول والله لقد علمت أن عليا أحب إليك من أبي الحديث فيكون عليا ممن أبهمه عمرو بن العاص أيضا وهو وإن كان في الظاهر يعارض حديث عمر ولكن يرجح حديث عمرو انه من قول النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من تقريره ويمكن الجمع باختلاف جهة المحبة فيكون في حق أبي بكر على عمومه بخلاف علي ويصح حينئذ دخوله فيمن أبهمه عمرو ومعاذ الله ان تقول كما تقول الرافضة من إبهام عمرو فيما روى لما كان بينه وبين علي رضي الله عنهما فقد كان النعمان مع معاوية على علي ولم يمنعه ذلك من التحديث بمنقبة علي ولا ارتياب في أن عمرا أفضل من النعمان والله أعلم * الحديث الثامن حديث أبي هريرة في قصة الذئب الذي كلم الراعي وفي
(١٩)