وكنا كنفس واحدة، فنالتني ضيقة شديدة، وحضر العيد، فقالت امرأتي:
أما نحن في أنفسنا فنصبر على البؤس والشدة، وأما صبياننا هؤلاء فقد قطعوا قلبي رحمة لهم، لأنهم يرون صبيان الجيران قد تزينوا في عيدهم، وأصلحوا ثيابهم، وهم على هذه الحال من الثياب الرثة، فلو احتلت بشئ تصرفه في كسوتهم. قال: فكتبت إلى صديقي الهاشمي أسأله التوسعة علي لما حضر. فوجه إلي كيسا مختوما ذكر أن فيه ألف درهم، فما استقر قراري حتى كتب إلي الصديق الاخر يشكو مثل ما شكوت إلى صاحبي، فوجهت إليه الكيس بحاله، وخرجت إلى المسجد، فأقمت فيه ليلي مستحييا من امرأتي، فلما دخلت عليها استحسنت ما كان مني ولم تعنفني عليه، فبينا انا كذلك، إذ وافى صديقي الهاشمي ومعه الكيس كهيئته، فقال لي: أصدقني عما فعلته فيما وجهت إليك، فعرفته الخبر على جهته، فقال: انك وجهت لي وما أملك على الأرض الا ما بعثت به إليك، وكتبت إلى صديقنا أسأله المواساة، فوجه بكيسي بخاتمي. قال: فتواسينا الألف ثلاثا، بعد أن أخرجنا إلى المرأة قبل ذلك مأة درهم، ونمى الخبر إلى المأمون فدعاني، فشرحت له الخبر، فأمر لنا بسبعة آلاف دينار، لكل واحد ألفا دينار، وللمرأة ألف دينار.