بذل النفس والمال، واختيار هوى الحبيب والصديق على هوى شخصه - على عدوه. وكذلك العكس: لم يعهد من فرد من ذوي العقول أن يعامل مع صديقه معاملة العدو، بان يسبه ويضربه عند الحضور، ويغتابه ويسئ القول فيه لدى الغيبة، ويفرح عند حزنه، ويحزن عند مسرته، ويساعد أعداءه على استيصاله، أو يسعى في سبيل مرضاة عدوه، أو تنغيص عيش صديقه وحبيبه، وهذا أمر ارتكازي - حتى للحيوانات - غير محتاج إلى إقامة الشواهد، الا أنا نذكر بعض الشواهد، لتنبيه الغافل، ولالزام بعض الكاذبين وتكذيبهم، والفات العقلاء والمنصفين، على أنهم هم الكاذبون في دعواهم، فنقول:
قال الله تعالى في الآية 29 و 30، من سورة آل عمران: قل ان كنتم تحبون لله فاتبعوني يحببكم الله، الخ.
وقال تعالى: قل أطيعوا الله والرسول فان تولوا فان الله لا يحب الكافرين.
وقال تعالى في الآية 22، من سورة المجادلة: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم، الخ.
فتأمل في الآية الأولى كيف رتب اتباع حبيبه على محبته، وعلقه عليه، فمن لم يتبع الرسول فليس بمحب لله، ولا لرسوله، وتدبر في الآية الثانية كيف أطلق الكافر على من لم يطع الله ورسوله، وأعلن انه لا يحبهم، وتفكر في الآية الثالثة كيف حكم بالملازمة بين الايمان بالله ورسوله، وبين قطع المراودة والموادة مع من حاد الله، وكنى بعدم الوجود عن عدم الامكان واستحالة التحقق.
وروى الصدوق (ره)، في المجلس 95، من الأمالي 397، وفي مصادقة الإخوان، قال قال لقمان لابنه: يا بني اتخذ الف صديق، والألف قليل، ولا تتخذ عدوا واحدا، والواحد كثير.