أو كان علمه متخذا من الكتاب والسنة، ولكن يكون منحرفا عقيدة أو عملا أو تراكمت عليه ظلمات بعضها فوق بعض؟
وببيان آخر: هل يجوز اتباع كل عالم بالعلوم الشرعية، وتصديقه بأن ما يقول هو حكم الله، وهل يجوز التحمل عنه والنقل عنه لغيره ولو لم يكن هذا العالم المأخوذ منه عادلا أي عاملا بالواجبات، وتاركا للمحرمات، أو ولو لم يكن علمه مأخوذا من الكتاب والسنة، أم جواز الاخذ والرواية، والتصديق منوط وموقوف على أن يكون علم المفتي مأخوذا من الكتاب الكريم، والسنة الصحيحة، ومشروط أيضا بصحة عقيدة المفتي، وكونه عاملا بعلمه المعبر عنه بالعدالة؟
قلت: اما تحمل العلم - بمعنى تصديق العالم فيما يخبر عن الله - فلا يجوز الا إذا كان العالم والمفتي من أهل الحق، وكان مخالفا لهواه، ومطيعا لامر مولاه، وكان علمه مأخوذا من الكتاب والسنة المعتبرة، واما تحمل العلم - بمعنى التعلم عن العالم بالعلوم الشرعية الاعتقادية والعملية، والتلمذ عليه ثم النقل لغيره - فإن كان المتعلم قاصرا عن تشخيص الحق من الباطل، والغث من السمين، عاجزا عن معرفة الصدق والصواب، فلا يجوز له تعلم المسائل الاعتقادية أو العملية، ولا النقل من غير أهل الحق ممن كان له انحراف اعتقادي أو عملي، لأنه لا يأمن الضلال والهلاك، واما لو كان المتعلم راسخ القدم في العقائد، ثابت الأركان في عبادة الله، وبيده معرفة الحق والباطل، وله حذاقة في خصوصيات الشريعة بحيث لا تحركه العواصف ولا تكسره القواصف، فيجوز له التعلم من غير مستقيم الطريقة اعتقادا وعملا، حيث إنه مأمون من الضرر، محفوظ من توجه الخطر، وكذا يجوز له ان ينقل عنه لغيره، ويروي عنه إذا لم يوجب التباس الحق بالباطل، واضلال عباد الله، والقسمان الأخيران وهما عدم جواز التلمذ والنقل في