إلى الله، وما يبعد عنه.
فان قيل: كيف يصح نفي العلم وسلبه عن الادراكات الفكرية المتعلقة بالماديات، وهل هذا الا سلب الشئ عن نفسه، ونفى الشئ عن ذاته؟
قلنا: قد أغمضت النظر عن الاعتبارات العقلائية، والملاحظات العرفية، وان الاعتبار أمر هين بملاحظة الاغراض المطلوبة من الأشياء جليلها وحقيرها وانه قد ينزل وجود الشئ منزلة عدمه لأجل فقدانه النتيجة المطلوبة، أو لما يترتب عليه من المضار والمفاسد، وانه قد ينزل المعدوم منزلة الموجود، ارشادا إلى ما يترتب عليه أو يترقب منه في أزمنة وجوده، وذلك في العرفيات فوق حد الاحصاء، وملحوظ عند جميع الأمم، على اختلاف آرائها وألسنتها وأقطارها ومذاهبها، وقد اعتبره الشارع في أمور كثيرة، واستعمله في كثير من المقامات.
وكفاك شاهدا لما ذكرنا الصوت السماوي، والنداء الملكوتي يوم بدر:
لا فتى الا علي، ولا سيف الا ذو الفقار.
وحسبك الخبر المعروف المشهور لدى الطائفتين، المروي في الكافي والمعاني في الباب: 77 ص 141، وغيرهما من الكتب المعتبرة:
انه دخل رسول الله (ص) المسجد، فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال:
ما هذا؟ قالوا: علامة يا رسول الله، فقال: وما العلامة؟ قالوا: اعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها وأيام الجاهلية وبالأشعار والعربية، قال فقال النبي صلى الله عليه وآله: ذاك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: إنما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنة قائمة، وما خلاهن فهو فضل. كما في الحديث 1 من الباب، 2، من كتاب العلم، من الكافي ص 32، وكما في الحديث 6، من الباب 6، من البحار: 1، 65.