حتى قيل: إنه طبيعة ثانوية، وقيل: الانسان مجبول على السهو والنسيان:
فأي محقق في صنعته لم يصدر منه في أموره خطأ أو سهو أو نسيان، وأي ذي عناية في عمل من الاعمال، لم يبتل بالغفلة والذهول، وأي كاتب لم يبدل العقول بالبقول، والفصول بالفضول؟!
والحاصل ان سليم بن قيس الهلالي رحمه الله، من أعيان الطائفة:
وكتابه من الأصول المعتبرة، وحسبك شاهدا على تبرزه وكونه من أولياء أمير المؤمنين عليه السلام، موته في ديار الغربة وهو خائف يترقب، ومرعوب وجل، مع أنه لو كان مريدا للدنيا، ويروقه التقرب إلى سلاطين زمانه، وطواغيت أيامه - أمثال أبي هريرة، وسمرة بن جندب، ومن على شاكلتهما - كان متمكنا بشتى الوسائل من التقرب إليهم، وهضم حلوائهم، ولبس زيهم، وأكل فريستهم، لان الملوك وآكلي أموال الناس بالباطل، في حاجة شديدة إلى التشبث باهل العلم والصلاح، ليتخذوا بهم مال الله دولا، وعباد الله خولا، فيأكلوا الدنيا باسم الدين، ويسيطروا على أموال الفقراء والمساكين، ويتأمروا على العالمين، ولأجله ينوهون باسم من يوافقهم ويعظمونه فوق حد التعظيم، ولو لم يميز السين من الشين، ولم يعرف الصاد من الضاد، ويحطون من مقام من خالفهم ولو كان اعلم أهل الأرض، بل ولو كان نفس القداسة والروحانية، وعين العلم والعدالة والانسانية!!
ومن صعب عليه تصديق ما ذكرنا، وتشخيص أهل زمانه، فليراجع إلى تاريخ بني أمية، وما صنعوا مع أمير المؤمنين (ع) وأوليائه، وما اختلقوا لأعدائه ومبغضيه، فإنه يرى الامر جليا، فيصدق ما قلناه، لان الزمان أشباه، والبشر اشكال.
واما كتابه فكفى في اعتباره ان علماءنا خلفا عن سلف تمسكوا بمطالبه، وجعلوها دليلا ومصدرا لدعاويهم.