وحفاظ الشريعة الخالدة؟!
فان قلت: قد دل غير واحد من الآيات القرآنية على أن الغيب لله، وان مفاتح الغيب عند الله، وانه لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب الا الله، إلى غير ذلك من الآيات الكريمة، فكيف يصح ادعاء اجماع أهل البيت على أنهم يعلمون الغيب؟
قلت: ان كل واحدة من الآيات ناظرة إلى جهة خاصة لا تنافي اتفاق أئمة أهل البيت (ع) على أنهم يعلمون الغيب، وحيث لا مجال لنا فعلا لبيان تلك الجهات الخاصة التي كانت ملحوظة في الآيات المذكورة، فلنذكر ما هو أقرب لتفنيد تلك المزعمة، وأسهل لعرفان صحة ما اجمع عليه خزان علم الله، وورثة رسول الله، فنقول:
ان القرآن المقدس مشحون بالاخبار بالغيب، وكذلك تواتر عن النبي (ع) انه أخبر بالغيب ثم وقع الامر على ما أخبر به. اخبر النبي (ص) ان أبا لهب يموت على الكفر، وسيصلى هو امرأته نارا ذات لهب (كما في سورة تبت) وأخبر صلى الله عليه وآله ان جماعة المستهزئين سيهلكون، قال الله تعالى: " إنا كفيناك المستهزئين " وأخبر ان جماعة معهودة من الكفار لا يؤمنون، كما في الآية 5، من سورة البقرة " ان الذين كفروا سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون "، وأخبر ان الكفار سيغلبون ويموتون على الكفر، كما في قوله تعالى " قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم " وأخبر ان الفرس سيغلبون بعد غلبتهم وظفرهم، وان الروم سيغلبون بعد مغلوبيتهم وانهزامهم، قال الله تعالى " آلم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين " إلى غير ذلك من الآيات، ولعل الاخبار الغيبية لا تقل عن عشر القرآن المقدس، فان كنت قاصر الهمة عن لحاظها بجملتها، فالحظ على الأقل سورة الفتح، فان فيها عدة أخبار