الخلافة، فأبى الله إلا اخفاءه عنكم، لأنه علم مكنون لا يمسه الا المطهرون من قدح الشك في قلوبهم، ولاني لو أخبرتكم لتضعضعتم ووهنتم عن الجهاد معي أعدائي أعداء الله - الجهاد الذي غايته العظمى إعلام الجامعة البشرية وإلفات أنظار العقلاء على أني ومن تبعني بواد، وعدوي ومن تبعه ومن أسس أساسه بواد آخر.
فعلى هذا يكون هذا الكلام مثل قوله (ع) في المختارة، من خطب النهج: " بل اندمجت على مكنون أمر لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة " فالمراد من إباء الله الا اخفاء الامر، اخفاؤه على أصحابه عليه السلام لا اخفاؤه عليه.
ويصح أيضا ان يريد عليه السلام من قوله: " كم أطردت الأيام ابحثها عن مكنون هذا الامر. الخ " الشهادة في سبيل الله، والفوز بلقاء الله، ومرافقة الصديقين والشهداء والصالحين، لأنه عليه السلام كان آنس بالموت من الطفل بثدي أمه، وكان مشتاقا إلى لقاء ربه، فيرجع معنى الكلام إلى أنه عليه السلام لفرط اشتياقه الشهادة كان يطلبها في كل يوم فإذا لم ينلها فيه يستقبل يوما آخر، ويتمنى الشهادة والقتل في سبيل الله فيه، وهكذا حتى وقع المقدور، ومعنى قوله: فأبى الله إلا اخفاءه، أي أبي الله اظهاره بوقوعه قبل وقته المقدر له، بل أخفاه بابقائه إلى الزمان الذي قدر وقوعه فيه ولهذا الاحتمال شواهد.
منها: انه عليه السلام بكى يوم استشهد حمزة وبعض أهل بيته، فسأله رسول الله (ص) عن سبب بكائه، فقال: يا رسول الله لأني لم أفز بالشهادة كما فازوا، فقال رسول الله (ص): لا تبك فان الشهادة من ورائك، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذه بدم؟ وأشار (ص) بيده إلى لحيته ورأسه. فقال علي: يا رسول الله أما ان تثبت لي ما أثبت فليس ذلك من