مواطن الصبر، ولكن من مواطن البشري والكرمة. كما في ترجمته (ع) من أسد الغابة: 4، 34، وغيره.
ومنها: ما يأتي في المختار 8، من الباب، من قوله (ع): " والله ما فجأني من الموت وارد كرهته، ولا طالع أنكرته، وما كنت الا كقارب ورد، وطالب وجد، وما عند الله خير للأبرار " حيث إنه عليه السلام شبه نفسه الكريمة في طلب الموت والشهادة في سبيل الله بعطشان حمله العطش على طلب الماء ليلا، ولا يمكنه التصبر إلى الصباح، أو ظمآن طوى السباسب والبراري لورود الماء وقد قرب منه ولم يبق بينه وبين الماء إلا يومان، أو ليلة.
وحينئذ فمعنى قوله (ع) كم اطردت الأيام ابحثها عن مكنون، الخ، اني لشدة ظمئي في الشهادة، وفرط رغبتي في القتل في سبيل الله لا زلت اطلبها من الأيام، وابحثها عن مطلوبي وأمنيتي، فإذا لم أجدها في يوم طردته وتركته واستقبلت يوما آخر، إلا أن الله عز وجل أخر وقتها ولم يعجلها لمصالح اقتضت ذلك.
واما ثانيا: فلوجوب رفع اليد وارتكاب التأويل لو فرض ان الكلام ظاهر أو صريح فيما ادعى من دلالته على ما ذكروه، إذ الأدلة القاطعة متواترة على أنه عليه السلام كان عالما بالبلايا والمنايا، وأخبر بوقوع الحوادث قبل وقوعها فكان الامر على ما أخبر، واجمع أئمة أهل البيت عليهم السلام على أنهم عالمون - بإفاضة من الله ووراثة من رسول الله - بما كان وما يكون إلى يوم القيامة، واحتجوا على المرتابين بوجوه.
منها: انه يستحيل أن يوجب الله طاعة شخص على العالمين ثم يحجب عنه خبر السماء والأرض.
ومنها: انهم (ع) قالوا للشاكين: ويلكم ان ميثم التمار ورشيد الهجري وأمثالهم كانوا يعلمون علم المنايا والبلايا، فكيف لا يعلمه قوام دين الله،