ان لم أمت فالامر إلي في العفو والقصاص، واختلفوا أيضا هل ضربه في الصلاة، أو قبل الدخول فيها، وهل استخلف من أتم بهم الصلاة أو هو أتمها، والأكثرون انه استخلف جعدة بن هبيرة، فصلى بهم تلك الصلاة، والله أعلم.
ولكن شيعة أهل البيت - وهم الذين لم يفارقوهم أبدا، وفدوهم بنفسهم ونفيسهم - لا ريب عندهم، انه عليه السلام استشهد وهو في الصلاة، ويشعر به كلام الطبري وغيره ممن عبر بتعبيره، حيث قال: فشد الناس على ابن ملجم فأخذوه، وتأخر علي، ودفع في ظهر جعدة ليصلي بالناس الغداة، الخ. وقال سبط ابن الجوزي في التذكرة ص 186: فلما حصل علي في المحراب هجموا عليه فضربه ابن ملجم، وتأخر علي عن المحراب، وقدم جعدة فصلى بالناس، الخ. وهذا ظاهر في أنه (ع) كان في المحراب حين وقع عليه سيف اللعين.
فان قلت أولا: ان هذا التعبير معارض بما ذكره الطبري وغيره من قول الراوي: ما أدري ان عليا دخل السدة أم لا، إذ رأيت بريق سيف وسمعت قائلا يقول: الحكم لله يا علي لا لك ولا لأصحابك، ثم رأيت بريق سيف آخر وسمعت عليا يقول: فزت ورب الكعبة، أيها الناس لا يفوتنكم الرجل، الخ. فان هذا الكلام ظاهر بل صريح بأنه عليه السلام ضرب بالسيف بمجرد دخوله في السدة، أو في آن دخوله في المسجد.
وثانيا: ان المستفاد من عبارة الطبري ومن حذا حذوه في التعبير هو الاشعار بما ذكرت، والاشعار ليس بحجة، بل لابد في الدلالة من الصراحة أو الظهور، وهما مفقودان.
قلت: أما قول الرواي: ما أدري أدخل السدة أم لا إذ سمعت قائلا يقول الخ، فمحمول على أنه لم تطل المدة بين دخوله عليه السلام وبين وقوع