- حتى خصوم أمير المؤمنين عليه السلام كمعاوية وأضرابه ومن على شاكلته - من اختصاص أمير المؤمنين (ع) بعلوم ليس عندهم، ولذا كان (ع) ملجأهم في المشكلات، ومفزعهم في الملمات، وكان عمر بن الخطاب إذا ضاق به الخناق يراجع أمير المؤمنين (ع) فإذا حل الامام مشكلته، ورفع بعلمه (ع) معضلته، قال: لولا علي لهلك عمر، أو قال: لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن، إلى غير ذلك مما تواتر من الصحابة.
وكان معاوية مع تصلبه في عداء أمير المؤمنين، وتمركز الغل والعناد في قلبه، وكونه محورا للحقد والبغضاء، ومعدنا للشنئان والشحناء - يقول بعد ما استشهد أمير المؤمنين عليه السلام: مات العلم والفقه بموت ابن أبي طالب.
وإما ان يقول المنكر: كان ما قدمتموه فهو حق، أي إن الاطلاع على ما غاب عن الحس ممكن لا سيما للنفوس الكاملة. وكذلك قدرة الله تعالى قاهرة ومسيطرة على كل ممكن، فلا ممكن إلا وهو خاضع لقدرته الغالبة وارادته القاهرة، فله تعالى أن يطلع ويظهر على غيبه من شاء وأراد. وكذلك سيد العترة أمير المؤمنين (ع) حقيق على أن يكون مأوى للفيوضات الربوبية والعنايات الإلهية. إلا أن الأدلة في مقام الاثبات غير ناهضة على أن الله تبارك وتعالى مكن أمير المؤمنين (ع) من الاتصاف بهذه الصفة وهي العلم بالغيب، فالممنوع هو المقدمة الرابعة، أي انه لم يقم لنا دليل على أنه (ع) كان متصفا بعلم الغيب، ولم ندع قيام الدليل على عدم اتصافه به.
والجواب انه لا ينبغي لمن له أدنى المام بتاريخ أمير المؤمنين (ع) من كتب الفريقين أن يشك في اتصاف أمير المؤمنين عليه السلام بعلم الغيب واخباره ببعض الحوادث قبل وقوعها، وإنما ارتاب من ارتاب في علمه (ع) بخصوصيات شهادته لصدور هذا الكلام المجمل منه (ع) بعد ما ضربه