الموقف الثالث:
في أنه هل تاب ابن عباس (ره) أم لا، وعلى فرض ثبوت التوبة منه واقعا وفي نفس الامر، فما دليلها في مرحلة الظاهر ومقام الاثبات والاحتجاج فنقول: أولا انه قد تقدم قول السدي عن أشياخه: ان ابن عباس عاد إلى موالاة أمير المؤمنين (ع) وأيضا قد دريت مما تقدم تصريح اليعقوبي وأبي أراكة بتوبته، وانه ندم ورد المال، فقبل أمير المؤمنين (ع) منه توبته، وثانيا المستفاد من الأغاني وغيره انه كان واليا على البصرة عند صلح الإمام الحسن (ع) بل وقبله (1)، وكيف يمكن أن يبقى منصوبا من قبل أمير المؤمنين (ع) من لم يتب من خطيئته، ومن لم يتدارك ما أفرط فيه، وخان الله ورسوله والمؤمنين.
وثالثا ان ابن عباس (ره) كان إلى آخر عمره ممن يقرض أمير المؤمنين عليه السلام ويمدحه، ويجاهر بذكر مثالب أعدائه وشانئيه، ومن أجل هذا كانوا يقطعون عطاءه تارة، ويتهددونه تارة أخرى وهذا غير معهود ممن أصر على ذنبه، وباع دينه ومروءته بالتافه الفاني، وممن هو يحب المال حبا جما، ويأكل مال المسلمين أكلا لما.
ورابعا أن ابن عباس (ره وإن دنس عرضه بلوث الخيانة، لكن لم تكن هذه من طبعه، ولم تكن نفسه من النفوس الشقية الخبيثة التي لم تتأثر بالعظة، ولم ترج لله وقارا، بل كانت من النفوس التي إذا مسها طائف من الشيطان تذكر، لا سيما إذا توالت إليه من مثل أمير المؤمنين (ع) المواعظ