والسلام (2) فهذا وجوابه الذي ذكره السبط ابن الجوزي باطل، وكذا ما ذكره في العقد الفريد من أن آخر ما كتب ابن عباس إلى أمير المؤمنين هكذا: والله لئن لم تدعني من أساطيرك لأحملنه إلى معاوية يقاتلك به.
[قال ابن عبد ربه: لما بلغ كتابه هذا إلى علي] فكف عنه.
أقول: وهذا وما شابهه من الموضوعات، والاختلاقات، وكيف يمكن خارجا أن يواجه ابن عباس أمير المؤمنين (ع) بهذه الكلمات وهو يعلم ويذعن انه وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وانه صلى الله عليه وآله أمره بقتال الناكثين: طلحة والزبير، والقاسطين معاوية وحزبه، والمارقين:
أصحاب النهروان، كما يوضح ذلك ويبرهنه الرجوع إلى احتجاجاته مع عمر ابن الخطاب، وعثمان وعايشة وطلحة والزبير، لا سيما ملاحظة محاجاته مع عمر ومعاوية وابن الزبير، فإنه (ره) في هذه المواضع قبل خلافة أمير المؤمنين (ع) وفي أيام خلافته وبعدها كلها كان يصرح بصريح اللهجة، وصدق القول والاصرار البليغ والمبالغة الأكيدة بأن عليا وصي رسول الله (ص) وأن ما يأتي به وما يذره فإنما هو بعهد من رسول الله (ص) فكيف يعقل من هذا العلم الحبر أن يصر على خطيئته ويكتب إلى أمير المؤمنين (ع) بهذه الكلمات، فلو جوز قائل أن يكتب ابن عباس إلى رسول الله (ص) بأمثال هذه الكلمات، تعريضا له بإراقة الدماء، وتعييرا له بقتل الأشقياء من الكفار والمردة، فليجوز كتابته بهذه الكلمات إلى أمير المؤمنين (ع).
فان قال قائل: ما الدليل على عدم صدور ما أشرت إليه من الكتب عن ابن عباس وهو أمر ممكن غير ممتنع ذاتا. قلنا: الامكان لا يساوق الوقوع والفعلية خارجا، وقد أشرنا إلى جهة امتناعه خارجا.