فأطاعه قومه فنهض بهم إلى ابن الحضرمي، فخرج ابن الحضرمي إليه بجماعته فصافوا ووقفوا عامة يومهم، ويناشدهم أعين ويقول: لا تنكثوا بيعتكم، ولا تخالفوا امامكم، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا، فقد رأيتم وجربتم كيف صنع الله بكم عند نكثكم بيعتكم وخلافكم.
فشتموه ونالوا منه ولم يقاتلوه، فانصرف عنهم وهو منهم منتصف، فلما آوى إلى رحله تبعه عشرة نفر يظن الناس أنهم خوارج فحملوا عليه وهو على فراشه، فخرج يشتد عريانا فلحقوه في الطريق فقتلوه.
فأراد زياد أن يقاتل ابن الحضرمي فكره الأزد قتاله لما بلغهم من بني تميم: من أنا لم نتعرض لجاركم إذ أجرتموه فما تريدون، فكتب زياد إلى أمير المؤمنين (ع):
أما بعد يا أمير المؤمنين فان أعين قدم علينا بجد ومناصحة وصدق يقين، فجمع إليه من أطاعه من عشيرته فحثهم على الطاعة، وحذرهم الخلاف، ثم نهض بمن أقبل معه إلى من أدبر عنه، فواقفهم عامة النهار، فهال أهل الخلاف تقدمه، وتصدع عن ابن الحضرمي كثير ممن كان يريد نصرته، فكان كذلك حتى أمسى فأتى رحله، فبيته نفر من هذه الخارجة المارقة، فأصيب رحمه الله تعالى، فأردت أن أناهض ابن الحضرمي فحدث أمر قد أمرت رسولي هذا ان يذكره الأمير المؤمنين، وقد رأيت - إن رآى أمير المؤمنين ما رأيت - أن يبعث إليهم جارية بن قدامة، فإنه نافذ البصيرة، ومطاوع في العشيرة، شديد على عدو أمير المؤمنين، فان يقدم يفرق بينهم بإذن الله، والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
فلما جاء الكتاب إلى أمير المؤمنين (ع) دعا جارية بن قدامة، فقال له: يا بن قدامة تمنع الأزد عاملي وبيت مالي وتشاقني مضر وتنابذني،