ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها (5) ولم يملك تفويضا (6) ولا خلق السماوات والأرض وما نرى
(٥) أي إنه تعالى لا يكون في حال عصيان العصاة مغلوبا لهم، ولا في حين إطاعة المطيعين مكرها وقاسرا لهم على الإطاعة، إذ لم تتعلق إرادته تعالى على إطاعة المطيعين وعدم عصيان الخلق بنحو الحتم والتعين وبنحو القهر والغلبة - وإلا خرجا عن كونهما إطاعة ومعصية - بل إنه تعالى أراد منهم أن يطيعوه باختيارهم ولا يعصوه باختيارهم، ومثل إرادته تعالى لأعمال خلقه مثل طبيب ناصح لحبيبه في الحفاظ على جهات الصحة، والتجنب عن مظان المرض وموارده.
ومما يلائم هنا جدا ما رواه عن أمير المؤمنين عليه السلام في المختار (٨) من الباب: (٩) من دستور معالم الحكم ص ١١٠، قال و: سأله رجل عن تفسير (لا حول ولا قوة إلا بالله). فقال: تفسيرها: إنا لا نملك مع الله شيئا، ولا نملك من دونه شيئا، ولا نملك إلا ما ملكنا مما هو أملك به فمتى ملكنا ما هو أملك به كلفنا، ومتى أخذ منا وضع عنا ما كلفنا، إن الله عز اسمه أمرنا تخييرا [مختبرا (خ)] ونهانا تحذيرا، وأعطانا على قليل كثيرا [كذا] لن يطاع ربنا مكرها ولن يعصى مغلوبا.
(6) أي إنه تعالى لم يملك التخيير والقدرة للمأمورين بنحو التفويض والتسريح المطلق وإيكال الأمر إليهم وإهمالهم كي يعملوا ما يشاؤن ويأتون بما يريدون بحيث لا يكون لهم ثواب ولا عقاب ولا تحسين ولا توبيخ، بل بين لهم الرشد من الغي ورغبهم في الرشد ونفرهم عن الغي وأعطاهم القدرة تفضلا فمن أطاعه رفع له مقاما كريما، ومن عصاه يصله عذابا أليما.