قال: لا! قال: انه قد أخبرك ان ملككم يا بني العباس مع كثرتكم وطول مدتكم مثل هذه الحيتان حتى إذا فنيت آجالكم، وانقطعت آثاركم، وذهبت دولتكم، سلط الله تعالى عليكم رجلا منا فأفناكم عن آخركم.
قال له: صدقت.
ثم قال لي: يا أبا الصلت! علمني الكلام الذي تكلمت به.
قلت: والله! لقد نسيت الكلام من ساعتي وقد كنت صدقت، فأمر بحبسي، ودفن الرضا عليه السلام.
فحبست سنة، فضاق علي الحبس، وسهرت الليلة، ودعوت الله تبارك وتعالى بدعاء ذكرت فيه محمدا وآل محمد صلوات الله عليهم، وسألت الله بحقهم أن يفرج عني، فما استتم دعائي حتى دخل علي أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام.
فقال لي: يا أبا الصلت! ضاق صدرك؟
فقلت: اي والله!
قال: قم! فأخرجني، ثم ضرب يده إلى القيود التي كانت علي، ففكها، وأخذ بيدي وأخرجني من الدار، والحرسة والغلمان يرونني فلم يستطيعوا أن يكلموني، وخرجت من باب الدار.
ثم قال لي: امض في ودائع الله، فإنك لن تصل إليه ولا يصل إليك أبدا.
فقال أبو الصلت: فلم ألتق المأمون إلى هذا الوقت (1).