والباب مغلق.
فقلت له: ومن أنت؟
فقال لي: أنا حجة الله عليك، يا أبا الصلت! أنا محمد بن علي، ثم مضى نحو أبيه عليهما السلام، فدخل وأمرني بالدخول معه، فلما نظر إليه الرضا عليه السلام وثب إليه، فعانقه وضمه إلى صدره، وقبل ما بين عينيه، ثم سحبه سحبا (1) إلى فراشه وأكب عليه محمد بن علي عليه السلام يقبله ويساره بشئ لم أفهمه.
ورأيت على شفتي الرضا عليه السلام زبدا أشد بياضا من الثلج، ورأيت أبا جعفر عليه السلام يلحسه بلسانه، ثم أدخل يده بين ثوبيه وصدره، فاستخرج منه شيئا شبيها بالعصفور، فابتلعه أبو جعفر عليه السلام ومضى الرضا عليه السلام.
فقال أبو جعفر عليه السلام: قم يا أبا الصلت! ايتني بالمغتسل والماء من الخزانة.
فقلت: ما في الخزانة مغتسل ولا ماء، وقال لي: ايته إلي ما آمرك به.
فدخلت الخزانة، فإذا فيها مغتسل وماء فأخرجته، وشمرت ثيابي لأغسله.
فقال لي: تنح يا أبا الصلت! فإن لي من يعينني غيرك، فغسله.
ثم قال لي: ادخل الخزانة، فاخرج إلي السفط (2) الذي فيه كفنه وحنوطه، فدخلت، فإذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة قط، فحملته إليه، فكفنه وصلى عليه.
ثم قال لي: ايتني بالتابوت. فقلت: أمضي إلى النجار حتى يصلح التابوت؟
قال: قم! فإن في الخزانة تابوتا. فدخلت الخزانة فوجدت تابوتا لم أره قط،