عيانا للقاصي والداني ما كان مخبأ من سننهم في المخابئ خوفا من إظهارها ونشرها.
وأبو جعفر الثاني روحي فداه بقيامه بتوضيح ما تبهم على المسلمين من أمور دينهم وبتمييزه لحقائق الشرع المبين عما عارضه من معارف مخالفيه يكون قد بسط للناس علمه، فارتووا من نميره العذب، وعينه الصافية، ما أغناهم عن الرجوع إلى غيره، فتتابعت الأسئلة عليه، واكتظ بابه بالسائلين، وأجاب في بعض الأندية سؤالات أعلامهم الأفذاذ، كقاضي القضاة يحيى بن أكثم، وفرع مسائله فروعا كثيرة، فتحير وملكه العجب العجاب، وإن كان قد سبقه إلى ذلك أبوه الكريم علي بن موسى الرضا سلام الله عليه ببرهة قليلة، إذ حضر في الأندية العلمية الشهيرة التي أعدها له المأمون وأتى من البيان بما عجب منه الحاضرون.
وكم كان علماء ذلك الزمان الذين لم تقع بأيديهم تفاصيل محاضر تلك الجلسات العلمية العالية والأسئلة والأجوبة التي طرحت فيها، يتمنون الظفر بنصوص مباحثاتها.
وعلى ذكر الندوات التي كانت تعقد في ذلك العصر نقول:
إنا نشاهد اليوم بحمد الله وبعد قيام الثورة الإسلامية المباركة في مدينة قم المحروسة، بلدة العلم والاجتهاد، ومبعث النور والجهاد، نشاطات دراسية كبيرة، ومجالس علمية هامة تطرح فيها وتناقش، أهم المسائل الدينية والعلمية، ويشارك فيها أفاضل طلاب العلم وأساتذتهم ومدرسيهم، وتأتينا بثمار طيبة ونتائج حسنة، وقد نمت هذه المجالس واتسع نطاقها بعد مجيئ الثورة المباركة، وبفضل ما توليها من حماية ورعاية، وكان من آثارها الحميدة مساندتها لانعقاد المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد قدس سره فنأمل أن تكون: