ثم عاد إلى بين يديه فقالها فغضب رسول الله غضبا لم ير قبله ولا بعده غضب مثله وتغير لونه وانتفخت أوداجه وارتعدت فرائصه وقال: يا بريدة ما لك آذيت رسول الله منذ اليوم؟ إني سمعت الله عز وجل يقول: ﴿إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا * والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا﴾ (1) قال بريدة:
يا رسول الله ما علمتني قصدتك بأذى، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أو تظن يا بريدة أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفس؟ أما علمت أن عليا مني وأنا منه، وأن من آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم؟
يا بريدة أنت أعلم أم الله؟ أنت أعلم أم قراء اللوح المحفوظ؟ أنت أعلم أم ملك الأرحام؟ قال بريدة: بل الله أعلم وقراء اللوح المحفوظ أعلم وملك الأرحام أعلم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فأنت أعلم يا بريدة أم حفظة علي بن أبي طالب؟ قال: بل حفظة علي بن أبي طالب، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فكيف تخطئه وتلومه وتوبخه وتشنع عليه في فعله، وهذا جبرئيل أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا عليه قط خطيئة منذ ولد، وهذا ملك الأرحام حدثني أنهم كتبوا قبل أن يولد حين استحكم في بطن أمه أنه لا يكون من خطيئة أبدا، وهؤلاء قراء اللوح المحفوظ أخبروني ليلة أسري بي أنهم وجدوا في اللوح المحفوظ: علي المعصوم من كل خطأ وزلة فكيف تخطئه أنت يا بريدة وقد صوبه رب العالمين والملائكة المقربون؟ يا بريدة لا تعرض لعلي بخلاف الحسن الجميل فانه أمير المؤمنين وسيد الوصيين وسيد الصالحين وفارس المسلمين وقائد الغر المحجلين وقسيم الجنة والنار، يقول هذا لي وهذا لك.
ثم قال: يا بريدة أترى لعلي من الحق عليكم معاشر المسلمين أن لا تكايدوه ولا