أن المحافل العلمية في المدينة كانت تشكل الدعامة القوية لنصرة التشيع وأهل البيت عليهم السلام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله يشهد بذلك.
كما أن صحابة السول اتجهوا إلى الأئمة عليهم السلام عند تواجدهم في المدينة، كالامام زين العابدين، والإمام الباقر، والإمام الصادق، والإمام الكاظم عليهم السلام، فمثلا اتجه علماء المدينة في أواخر القرن الأول الهجري إلى الإمام الباقر عليه السلام للاخذ عنه والاختلاف إليه مع وجود رجال من الصحابة والتابعين الذين انفردوا عن خط أهل البيت، بل وشكلوا تيارا منافسا لهم، ومع ذلك لم يحظوا بالمكانة العلمية لما كان يحتلها الإمام الباقر عليه السلام وغيره من الأئمة عليهم السلام.
قال الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي من أعلام القرن السادس الهجري في " إعلام الورى ": " قد اشتهر في العالم تبرزه على الخلق في العلم والزهد والشرف ما لم يؤثر عن أحد من أولاد الرسول صلى الله عليه وآله وقبله من علم القرآن والآثار والسنن، وأنواع العلوم والحكم والآداب ما آثر عنه، واختلف إليه كبار الصحابة و وجوه التابعين وفقهاء المسلمين، وعرفه رسول الله صلى الله عليه وآله ب " باقر العلم " على ما رواه نقلة الاخبار، عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله:
" يوشك أن تبقى إلى أن تلقى ولدا لي من الحسين يقال له: محمد، يبقر علم الدين، فإذا لقيته فاقرئه عني السلام " (1).
وقال الطبرسي: وروي عن أبي مالك، عن عبد الله بن عطاء المكي، قال: ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي ابن الحسين عليهم السلام، ولقد رأيت الحكم بن عتيبة مع جلالته في القوم بين يديه كأنه صبي