وبينهم بحرا، فأتى الأنبار كي يتخذها مستوطنا له، فلما نزلها كثر عليهم الذباب لنتن هوائها ودكارة مائها، فتحول إلى موضع آخر فلم يصلح كذلك، فتحول إلى الكوفة فاختطها، واقطع للجند القطع والمنازل، وبنى في وسطها مسجدها المعروف اليوم.
وقد نزلها زمن عمر بن الخطاب ثلة من صحابة الرسول صلى الله عليه وآله كابن مسعود، و عمار بن ياسر، وسعد بن أبي وقاص، والبراء بن عازب الأنصاري،...،...
علما أن هؤلاء كانت لهم مهام إدارية أو علمية، فعمار بن ياسر جاءها واليا من قبل عمر بن الخطاب بعد ما عزل واليها الأسبق سعد بن أبي وقاص، وبعضهم وكلت إليه مهمة القضاء كعروة بن أبي الجعد البارقي، وبعضهم كان معلما للقرآن كابن مسعود... هؤلاء الصحابة - القادمون من المدينة مع الجند الذي فتح القادسية و مصر الكوفة - كانوا يعرفون أهمية الإمام علي عليه السلام في الخلافة والامرة، ويعترفون بفضله، وسابقيته في الاسلام، وعلمه، وشجاعته، لهذا كان جلهم يميلون إليه و يتشيعون له، ولما دخلوا الكوفة بثوا كلمة الحق بين صفوف الجند من قبائل مضر واليمن وربيعة وثقيف وهوازن.
لذا كانت الكوفة تميل إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام قبل أن يدخلها خليفة أو يتخذها عاصمة للدولة الاسلامية.
ولما قتل عثمان بن عفان، وبويع الإمام علي بالخلافة، واستقرت عاصمة المسلمين في الكوفة، بدأ التشيع يأخذ قراره فيها، وترسوا قواعده، بفضل الوعي الذي عم أطراف البلاد الاسلامية.
وقد اتجهت القلوب والأفئدة الطاهرة إلى أمير المؤمنين عليه السلام، لانسانيته، وعدالته في الحكم، ومساواته بين الرعية، كما أن العالم الاسلامي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله لم يشهد ممارسة فعلية لإقامة الحدود الشرعية، والانتصار للمظلوم