لقد ذهب المتكلمون والفلاسفة إلى آراء متضاربة في تفسير تلك الآيات، وبيان مراد الله سبحانه، منها، وأبرز هؤلاء هم:
المجبرة الذين أثبتوا تعلق الإرادة الحتمية الإلهية بالافعال كسائر الأشياء وهو القدر، وهم القائلون بأن جميع الأفعال مخلوقة لله تعالى، والانسان فيها مجبور غير مختار.
أما المفوضة فقالوا: إن الانسان مختار في جميع أفعاله، والإرادة الإلهية لا تعلق لها بأفعال الانسان.
على أن كلا الفريقين ضلت عن الهدى، وسلكت طريق الغواية والهوى، والذي ينقله الكليني في " الكافي " بسنده عن أمير المؤمنين هو الصواب، وقوله عليه السلام ردا على المجبرة والمفوضة، إليك جزء من كلامه لما سأله الشيخ في الكوفة بعد منصرفه من حرب صفين، فقال له الشيخ: وكيف لم تكن في شئ من حالتنا مكرهين ولا إليه مضطرين، وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟ فقال له عليه السلام: " وتظن أنه كان قضاء حتما وقدرا لازما؟ أنه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر من الله، وسقط معنى الوعد والوعيد، فلم تكن لائمة للمذنب، ولا محمدة للمحسن، ولكان المذنب أولى بالاحسان من المحسن، ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب، تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان، وخصماء الرحمان، وحزب الشيطان، وقدرية هذه الأمة ومجوسها.
إن الله تبارك وتعالى كلف تخييرا، ونهى تحذيرا، وأعطى على القليل كثيرا، ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها، ولم يملك مفوضا، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا، ذلك ظن الذين كفروا فويل