وهكذا الاضلال إنما اختياره بيد الانسان، وليس للمولى دخل في ذلك الاختيار، وقال تعالى في أمر ثمود: " وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " (1). فإنهم باختيارهم سلكوا الهوى واستحبوا العمى، لهذا خذلهم الله ومن حذا حذوهم في الضلال، حيث لم يستفيدوا من ذلك اللطف والارشاد والنصح والبيان وإرسال الرسل وإقامة الأدلة والامارات فأضلهم الله. وقوله تعالى: " يضل من يشاء " (2)، أي لمن شاء الخذلان والضلال فإنه سوف يخذل، حيث إصراره على الكفر والعناد يؤدي به إلى التهلكة " ويمدهم في طغيانهم يعمهون " (3)، وقوله تعالى:
" ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا " (4).
أما وسائل الضلال كثيرة، منها: اتباع هوى النفس، أو اتباع الكافرين كما هو في قوم فرعون في قوله تعالى " وأضل فرعون قومه وما هدى " (5)، واتباع الشيطان، قوله تعالى في ذلك: " وقد أضل منكم جبلا كثيرا... " (6).
وللشيطان جنود وأتباع، وهؤلاء زينوا للناس حب الشهوات والمال والبنين، فأخرجوهم عن طاعة الله، كما أنه نصب لهم الأوثان والأصنام كي يعبدوها، وسبحانه أشار إلى ذلك: " إنهن أضللن كثيرا من الناس " (7)، وقال تعالى في قصة هارون وقوم موسى والعجل: " وأضلهم السامري " (8)، إلى غير ذلك.