طيلة فترة نبوته أو حياته الشريفة في النصح والارشاد وإقامة الحدود وتبيان الشريعة وأحكامها، فهل يصح منه أن يترك الأمة بدون مرشد يتابع أمرهم، ويسدي لهم النصح، ويعلمهم ما جهلوا.
إن تركه صلى الله عليه وآله الأمة بدون هاد يهديها ومرشد يرشدها أمر لا يمكن تصوره، بل أنه إخلال بوظيفته السماوية، والاخلال والاهمال منه صلى الله عليه وآله محال.
أما أهل السنة فقالوا: الامام يختار بإجماع الأمة عليه، إلا أن هذا لم يحصل، لان أبا بكر رشح من قبل عمر بن الخطاب في سقيفة بني ساعدة، في الوقت نفسه أن وجوه المسلمين، وكبار الصحابة، كابن عباس وابن مسعود والمقداد وأبي ذر وسلمان وعمار ولفيف من بني هاشم، كل أولئك كانوا مع الامام أمير المؤمنين في تجهيز الرسول صلى الله عليه وآله وتغسيله، فأين الاجماع...؟! أليس هؤلاء من المسلمين إن لم نقل من خيرتهم وكبارهم؟! بل أن امتناع البعض منهم يكفي في خرق الاجماع، ثم إن عمر بن الخطاب تعين بنص أبي بكر عليه، أما عثمان بن عفان فقد تعين بالشورى التي سنها عمر بن الخطاب لستة نفر... فأين الاجماع؟!
أما خلافة بني أمية وبني العباس فقد أصبحت وراثة من الآباء عن الأجداد، وليس للأمة أي حق في الاختيار، بل أصبحت مغلوبة على أمرها.
هكذا أصبح مفهوم الاجماع عند جمهور المسلمين، فعمليا انقلب الامر من حق الأمة وانتخابها إلى العمل بالنص والتعيين كما فعله الخليفة الأول والثاني ومعاوية وسائر ملوك بني أمية وليس للأمة حول ولا قوة في ذلك.
ولا نريد أن ندخل في تفصيل هذا البحث ونفتح بابا طالما طرقه أكثر الباحثين قديما وحديثا، وأن الأدلة والبراهين لا يمكن ردها أو إخفاؤها، كما لا يمكن إبطال ضوء الشمس إذا صادف أعمى فأنكرها.