الذين أثبتوا له تلك الحواس.
ثالثا: أنه تعالى أوجد الوسائط بينه وبين المخلوقات، وجعلها السبيل في التدبير والتأثير والايجاد، فسبحانه رتب الأمور على مبدأ العلية، فلولا العلة لا نعدم المعلول، وإليه تنتهي العلل.
إلا أن الأشاعرة نفوا هذا المبدأ، وأنكروا ذلك الترتيب للوجود، وهم القائلون بخلق الأعمال وسائر الأمور الجزئية منه تعالى بلا وسائط ولا ترتيب، والقائلون بالإرادة الجزافية، وعلى هذا القول لا يبقى مجال لاثبات نبوة الأنبياء، بل تنتفي سفارة الرسل والأنبياء إلى البشر، ويكون الخلق غير محتاج إلى النبي، وبالخصوص ينطبق هذا على من قال - منهم - تجويز رؤية الخلق له سبحانه وتعالى.
رابعا: أوضح سبحانه وتعالى مهمة الأنبياء في كونهم وسائط وسفراء من الله إلى البشر، وفي كونهم الادلاء والهداة، يعلمون الناس طرق معاشهم، وكيف النجاة من كل بلاء، والحديث أشار إلى هذه الخصوصية "... ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم، وما به بقائهم وفي تركه فنائهم... ".
خامسا: نفى الامام مشاهدة الخلق له سبحانه، وهذا يتضمن الرد على بعض الأشاعرة وعلماء السنة من الحشوية والمشبهة الذين جوزوا على العباد رؤيته في الدنيا، وقالوا: إنهم يزوروه ويزورهم كما حكاه الشهرستاني عن الكعبي في " الملل والنحل "، وقال أيضا: " وروى المشبهة عن النبي عليه السلام أنه قال: لقيني ربي، فصافحني، وكافحني، ووضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله!! ".
وقال: " ومن المشبهة من مال إلى مذهب الحلولية "، وقال: " يجوز أن يظهر الباري تعالى بصورة شخص، كما كان جبرئيل عليه السلام ينزل في صورة أعرابي، وقد تمثل لمريم بشرا سويا، وعليه حمل قول النبي عليه السلام: رأيت ربي في أحسن صورة،