فاستدل المعتزلة بقوليهما، وقالوا: إنهما صرحا بالعدل وأنكرا الجبر.
(3) وكذلك استدلوا بما فعله عمر بن الخطاب، إذ جاءوا له بسار ق، فقال: لم سرقت؟ فقال: قضى الله علي، فأمر به فقطعت يده وضرب أسواطا، فقيل له في ذلك، فقال: القطع للسرق، والجلد لما كذب على الله. قالت المعتزلة: وهذا يقتضي إنكاره للجبر.
(4) وكذلك استدلوا بقول أبي بن كعب، إذ قال: السعيد من سعد بعمله، والشقي من شقي بعمله.
(5) واستدلوا بقول عثمان لما سأل محاصريه لم ترموني؟ قالوا: الله يرميك، قال: كذبتم لو رماني ما أخطأني. قالت المعتزلة: وهذا يقتضي إنكاره الجبر.
(6) ومن النصوص الصريحة التي استشهد بها المعتزلة على صحة عقيدتهم، وأن الصحابة هم السلف الأول لمدرستهم - على حد قولهم - هو ما جاء عن ابن عباس في مناظرته، لمجبرة الشام، إذ روى مجاهد عن ابن عباس أنه كتب إلى قراء المجبرة بالشام: أما بعد، أتأمرون الناس بالتقوى وبكم ضل المتقون، وتنهون الناس عن المعاصي وبكم ظهر العاصون، يا أبناء سلف المقاتلين، وأعوان الظالمين، وخزان مساجد الفاسقين، وعمار سلف الشياطين، هل منكم الا مفتر على الله، يحمل إجرامه عليه، وينسبها علانية إليه، وهل منكم إلا من السيف قلادته، والزور على الله شهادته، أعلى هذا تواليتم، أم عليه تماليتم، حظكم منه الأوفر، ونصيبكم منه الأكثر، عمدتم إلى موالاة من لم يدع لله ما لا إلا أخذه، ولا منارا إلا هدمه، ولا مالا ليتيم إلا سرقه أو خانه، فأوجبتم لأخبث خلق الله أعظم حق الله، وخاذلتم أهل الحق حتى ذلوا وقلوا، وأعنتم أهل الباطل حتى عزوا وكثروا، فأنيبوا إلى الله وتوبوا، فإن الله يتوب على من تاب، ويقبل من أناب.