الكليني والكافي - الشيخ عبد الرسول الغفار - الصفحة ٢٧٧
اعتزل عنا واصل، فسمي هو وأصحابه معتزلة " (1).
(١) المستشرقة الألمانية (Susanna Diwaldwilzer) سوسنه ديفلد يلزر تشكك في صحة هذا الخبر، وتقول: " يتعذر إثبات سبب هذه التسمية الحقيقي بوجه قطعي ". انظر طبقات المعتزلة، تحقيق سوسنه، التصدير (ح) ١٩٦١.
وربما قيل: ان الاعتزال كان منشؤه ديني، وآخرون قالوا: إن منشأه سياسي، وقد أدلى كل فريق بأدلة، وهي قابلة للنقاش.
مهما يكن من شئ فإن من المسائل المهمة في فكر المعتزلة الأوائل، والتي دارت حولها البحوث والمناظرات هي مسألة الإمامة والخلافة، حيث احتلت مكانا بارزا عند المتكلمين الأوائل، أي عند بدء ظهور فكرة الاعتزال، ومن ثم تضاءل الاهتمام بها حتى أصبحت كباقي الموضوعات الفرعية.
والمعتزلة تعتقد بأصول خمسة، هي:
(١) التوحيد (٢) العدل (٣) الوعد والوعيد (٤) المنزلة بين المنزلتين (٥) الامر بالمعروفوالنهي عن المنكر.
ومن جملة الآراء التي قيلت في سبب تسمية هؤلاء بالمعتزلة ما قاله الدكتور علي سامي النشار: " ان وضع المسألة الصحيح أن اسم " المعتزلة " قد ظهر سياسيا - بلا شك - في حروب علي وأصحاب الجمل، وفي حروب علي ومعاوية، ولكنه لم يستخدم لطائفة معينة "، ثم يستطرد فيقول: " قد عثرت على نص هام، وجدت فيه: من الفرق التي افترقت بعد ولاية علي، فرقة منهم اعتزلت مع سعد بن مالك، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، ومحمد بن سلمة الأنصاري، وأسامة بن زيد بن حارثة، فإن هؤلاء اعتزلوا عليا، وامتنعوا عن محاربته، والمحاربة معه بعد دخولهم بيعته، والرضاء به، فسموا معتزلة، وصاروا أسلاف المعتزلة إلى آخر الأبد، وقالوا: لا يحل قتال علي أو القتال معه، والأحنف بن قيس قالها لقومه: اعتزلوا الفتنة أصلح لكم ".
أقول: هذا النص الذي ذكره الدكتور النشار ولم يذكر مصدره، إنما هو مذكور في ص ٤ من كتاب " المقالات والفرق " لسعد بن عبد الله أبي خلف الأشعري القمي المتوفى سنة ٣٠١ ه، ممن أدرك الإمام الحسن العسكري عليه السلام ولم يرو عنه، وبين النصين فرق يسير، فراجع.
ثم يستطرد النشار فيقول: " إن السبب في أنهم اعتزلوا الناس، أو أن هذا الاسم اطلق عليهم هو عدم موافقتهم على انتقال الخلافة لمعاوية، فأصابتهم حسرة مريرة، أن يسلب الحق أهله، فابتعدوا عن المجتمع السياسي، ولجأوا إلى العبادة، وسرعان ما تناسوا هذا السبب السياسي في اعتزالهم وهم يتدارسون القرآن والتفسير، ولكن الحوادث التي كانت تحيط بهم جعلتهم يتجهون مرة أخرى للحياة السياسية والدينية. للاطلاع انظر: المنية والأمل في شرح الملل والنحل، تحقيق د. النشار: هامش ص 7.