ثم امتد البحث عند كل طائفة ليشمل مواضيع أخرى، أهمها المسائل الخلافية حول الذات الإلهية، وصفاتها، ورؤية الله، والعدل الإلهي، والقضاء، والقدر والجبر والاختيار، والمشيئة والإرادة، وعصمة الأنبياء، وتقديم المفضول مع وجود الفاضل، وغيرها من المسائل التي عصفت بالمسلمين، واحتد النزاع فيها وأودت بحياة الكثير من العلماء.
وأبرز صورة للعنف العقائدي التي ظهرت في الساحة الجدلية هي مسألة خلق القرآن، والتي تبناها عدة من الحكام العباسيين، بل تبنى هؤلاء العباسيون فكرة الاعتزال، وجعلوه المذهب الرسمي للدولة بالخصوص زمن المأمون، واستمر فكر الاعتزال يساير الدولة العباسية حتى نهاية القرن الثالث الهجري، بل لا ننسى أن الأمويين تبنوا فكرة الارجاء في القرن الأول الهجري، وراج في زمنهم هذا المذهب، واتسع مريدوه، لأنه المذهب الوحيد الذي يبرر أعمال الظالمين والحكام الفاسقين، فهؤلاء العصاة الجناة - على حد زعمهم - مؤمنون ولم يحكم عليهم بالعذاب، بل يرجى لهم المغفرة والتوبة، والتجاوز عن خطاياهم ومعاصيهم، لهذا انهم مرجئون إلى يوم القيامة، بل المرجئة يجزمون بأنه لا عقاب على مرتكب الكبيرة، لأنه لا يضر مع الايمان ذنب! هذا ما كان في القرن الأول الهجري والثاني منه والثالث.
وفي مطلع القرن الرابع الهجري انعكست الأمور، وانقلبت الدائرة على المعتزلة، وظهر الأشاعرة إلى الوجود، وثبتت الدولة مذهبهم، وأصبح المذهب الرسمي لها.
لأجل ذلك الصراع بين المعتزلة والأشاعرة آثرنا ان نتحدث عن الفريقين بشئ من الايجاز، وأثرهما على الساحة العقائدية، وانعكاس ذلك الأثر على منهج الكليني.