عرض لنفسه، ثم قلت: ما يمنع أمير المؤمنين أن يكون كالمأمون في هذا الوقت، حيث يقول:
صل الندمان يوم المهرجان * بصاف من معتقة الدنان بكأس خسرواني عتيق * فإن العيد عيد خسرواني وجنبني الزبيبيين طرا * فشأن ذوي الزبيب خلاف شأني فأشربها وأزعمها حراما * وأرجو عفو رب ذي امتنان ويشربها ويزعمها حلالا * وتلك على الشقي خطيئتان قال: فطرب، وأخذته أريحته، فقال لي: صدقت، ترك الفرح في مثل هذا اليوم عجز، وأمر بإحضار الجلساء، وقعد في مجلس التاج على دجلة، فلم أر يوما كان أحسن منه في الفرح والسرور، وأجاز في ذلك اليوم من حضره من الندماء والمغنين والملهين بالدنانير، والدراهم، والخلع، وأنواع الطيب،... " (1).
هذه نبذة مختصرة عن حياة الراضي، والمأساة التي كان يعانيها، بل أنها مأساة الأمة الاسلامية، وقد توفي الراضي بالله في منتصف شهر ربيع الأول من عام 329 ه، وقد خلف وراءه جملة من المشاكل والفتن قد أثقلت كاهل الشعوب الخاضعة تحت النفوذ العباسي.
علما أن تلك الاحداث السياسية أعقبتها خلافات وصراعات بين المذاهب والفرق الاسلامية، وهذا ما سيأتي الحديث عنه في الفصل القادم إن شاء الله.