الشرق الاسلامي، ولم تهدأ الاحداث فيها على الاطلاق، للمنافسة الموجودة بين القواد الأتراك ونفوذ بعض الامراء، وان الولاءات بين الجند الأتراك موزع بين هؤلاء المتنفذين، علما ان الصراعات العرقية والمذهبية المتأصلة في نفوس أولئك قاد البلاد إلى هزات عنيفة، وأشعلت الفتن في أغلب هذه المناطق، أضف إلى ذلك الأطماع المادية، وحب الرئاسة كان له الأثر الواضح، وخطره الكبير على تلك البقاع، والشعوب التي أصبحت تحت رحمة هؤلاء الجبابرة، مما عرض هذه البلدان إلى الفقر والنهب والسلب وانتشار الأمراض فيها.
وأكثر من ذلك، فقد طمع بعض القادة والامراء الأتراك بالخلافة، فهذا القائد (بجكم) التركي قد سيطر على المرافق الرئيسية للدولة، بل وحتى ضربت النقود باسمه، قال المسعودي: حدث أبو الحسن العروضي مؤدب الراضي، قال: اجتزت في يوم مهرجان بدجلة بدار (بجكم) التركي، فرأيت الهرج والملاهي واللعب والفرح والسرور ما لم أر مثله، ثم دخلت إلى الراضي بالله فوجدته خاليا بنفسه قد اعتراه هم، فوقفت بين يديه، فقال لي: ادن فدنوت، فإذا بيده دينار ودرهم، في الدينار نحو من مثاقيل، وفي الدرهم كذلك، عليهما صورة (بجكم) شاك في سلاحه، وحوله مكتوب:
إنما العز فاعلم * للأمير المعظم سيد الناس بجكم ومن الجانب الآخر الصورة بعينها، وهو جالس في مجلسه كالمفكر المطرق، فقال الراضي: أما ترى صنع هذا الانسان، وما تسمو إليه همته، وما تحدثه به نفسه، فلم أجبه بشئ، وأخذت به في أخبار من مضى من الخلفاء، وسيرهم في أتباعهم، ثم نقلته إلى أخبار ملوك الفرس وغيرها، وما كانت تلقاه من أتباعها، وصبرهم عليهم، وحسن سياستهم لذلك، حتى تصلح أمورهم، وتستقيم أحوالهم، فسلا عما