جعفر: " يا بني، قم فأخرج كتاب علي "، فأخرج كتابا مدرجا عظيما، ففتحه وجعل ينظر حتى أخرج المسألة، فقال أبو جعفر: " هذا خط علي وإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله، وأقبل على الحكم وقال: " يا أبا محمد، اذهب أنت وسلمة والمقداد حيث شئتم، يمينا وشمالا، فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل... الحديث " (1).
وللإمام علي عليه السلام كتاب آخر في الديات، سماه: " الصحيفة "، كان يعلقه عليه السلام بقراب سيفه، وكانت هذه الصحيفة نسخة منها عند محمد بن الحسن الصفار صاحب كتاب " بصائر الدرجات "، وهو من معاصري البخاري وقد روى البخاري في صحيحه عن هذه الصحيفة في باب كتابة العلم: 1 / 40، وفي باب إثم من تبرأ من مواليه: 4 / 289.
وليس غريبا أن يتفوق الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام على أقرانه في حفظه لأحاديث الرسول، وأن يعيها، ثم يكتبها خوفا من ضياعها وتلاعب أيدي المغرضين والطامعين بها، وقد أسلفنا أن أمير المؤمنين لازم الرسول طيلة حياته، في حضره وفي سفره، بينما بقية الصحابة: فمنهم من آثر الجهاد، ومنهم من آثر الحياة والمنصب، ومنهم من آثر الحياة والدعة والاثرة والصفق في الأسواق، وهذه كتب القوم تشهد بذلك، حيث رووا عن عمر قال: خفي علي هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله، ألهاني عنه الصفق في الأسواق (2).
صحيح مسلم: 2 / 234 في كتاب الآداب، صحيح البخاري: 3 / 837 طبعة