لكان يوم الاثنين أولى بذلك إذ قبض الله تعالى نبيه [محمدا] صلى الله عليه وسلم فيه، وكذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه قبض فيه، وهو ما روى هشام ابن عروة عن عائشة رضي الله عنهما قالت: قال أبو بكر رضي الله عنه: أي يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم فيه؟ قلت: يوم الاثنين، قال رضي الله عنه:
إني أرجو أن أموت فيه: فمات رضي الله عنه فيه، وفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقد أبي بكر رضي الله عنه أعظم من فقد غيرهما، وقد اتفق الناس على شرف يوم الاثنين، وفضيلة صومه وأنه تعرض أعمال العباد فيه، وفي يوم الخميس ترفع الأعمال [أعمال العباد].
[و] كذلك يوم عاشوراء لا يتخذ يوم مصيبة، ولأن يوم عاشوراء إن اتخذ يوم مصيبة ليس بأولى من أن يتخذ يوم فرح وسرور لما قدمنا ذكره، وفضله من أنه [يوم] نجى الله تعالى فيه أنبياءه من أعدائهم وأهلك فيه أعداءهم الكفار من فرعون وقومه وغيرهم، وأنه تعالى خلق السماوات والأرض والأشياء الشريفة فيه وآدم عليه السلام وغير ذلك، وما أعد الله تعالى لمن صامه من الثواب الجزيل والعطاء الوافر وتكفير الذنوب وتمحيص السيئات، فصيام [فصار] عاشوراء بمثابة بقية الأيام الشريفة كالعيدين والجمعة وعرفة وغيرهما.
ثم لو جاز أن يتخذ هذا اليوم مصيبة لاتخذته الصحابة والتابعون رضي الله عنهم، لأنهم أقرب إليه منا وأخص به، وقد ورد عنهم الحث على التوسعة على العيال فيه والصوم فيه، من ذلك ما روى عن الحسن رحمة الله تعالى عليه أنه قال: كان صوم يوم عاشوراء فريضة وكان علي رضي الله عنه يأمر بصيامه فقالت لهم عائشة رضي الله عنها: من يأمركم بصوم يوم عاشوراء؟ قالوا: علي رضي الله عنه. قالت: إنه أعلم من بقي بالسنة، وروي عن علي رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحيا ليلة عاشوراء أحياه الله تعالى ما شاء.