إلى غير ذلك من الطامات والأكاذيب المشتمل عليها هذا الكلام.
ولابن خلدون في (المقدمة) كلام آخر كشف فيه عن كثير من الأسرار، وهتك فيه كثيرا من الأستار... أنه يقول:
" وأما الحسين فإنه لما ظهر فسق يزيد عند الكافة من أهل عصره وبعثت شيعة أهل البيت بالكوفة للحسين أن يأتيهم فيقوموا بأمره، فرأى الحسين أن الخروج على يزيد متعين من أجل فسقه لا سيما من له القدرة على ذلك وظنها من نفسه بأهليته وشوكته، فأما الأهلية فكانت كما ظن وزيادة، وأما الشوكة فغلط يرحمه الله فيها! لأن عصبية مضر كانت من قريش، وعصبية قريش في عبد مناف، وعصبية عبد مناف إنما كانت في بني أمية تعرف ذلك لهم قريش وسائر الناس ولا ينكرونه، وإنما نسي ذلك أول الإسلام لما شغل الناس من الذهول بالخوارق وأمر الوحي وتردد الملائكة لنصرة المسلمين، فأغفلوا أمور عوائدهم وذهبت عصبية الجاهلية ومنازعها ونسيت، ولم يبق إلا العصبية الطبيعية في الحماية والدفاع ينتفع بها في إقامة الدين وجهاد المشركين، والدين فيها محكم والعادة معزولة، حتى إذا انقطع أمر النبوة والخوارق المهولة تراجع الحكم بعض الشئ للعوائد فعادت العصبية كما كانت ولمن كانت، وأصبحت مضر أطوع لبني أمية من سواهم بما كان لهم من ذلك قبل.
فتبين لك غلط الحسين! إلا أنه في أمر دنيوي لا يضره الغلط فيه!، وأما الحكم الشرعي فلم يغلط فيه لأنه منوط بظنه وكان ظنه القدرة على ذلك. ولقد عذله ابن العباس وابن الزبير وابن عمر وابن الحنفية أخوه وغيره في مسيره إلى الكوفة وعلموا غلطه في ذلك! ولم يرجع عما هو بسبيله لما أراده الله.
وأما غير الحسين من الصحابة الذين كانوا بالحجاز ومع يزيد بالشام والعراق