موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد (1) يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه (2)، وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل (3). إلى آخر الكلام، حتى صار بهذه الرتبة أستاذ العالمين بعده (صلى الله عليه وآله).
قال الفخر الرازي في الأربعين: لا نزاع أن عليا (عليه السلام) كان في أصل الخلقة في غاية الذكاء والفطنة والاستعداد للعلم، وكان محمد (صلى الله عليه وآله) أفضل العلماء، وكان علي (عليه السلام) في غاية الحرص في طلب العلم، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) في غاية الحرص في تربيته وفي ارشاده إلى اكتساب الفضائل.
ثم إن عليا (عليه السلام) من أول صغره في حجره (صلى الله عليه وآله)، وفي كبره صار ختنا له، وكان يدخل إليه في كل الأوقات. ومن المعلوم أن التلميذ إذا كان في غاية الذكاء والحرص على التعلم، وكان الأستاذ في غاية الفضل والحرص على التعليم.
ثم اتفق لمثل هذا التلميذ أن يتصل بمثل (4) هذا الأستاذ من زمان الصغر، وكان ذلك الاتصال بخدمته حاصلا في كل الأوقات، فإنه يبلغ ذلك التلميذ مبلغا عظيما (انتهى.
وقد تلونا عليك من الأخبار المصرحة بأنه (عليه السلام) أعلم الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما فيه كفاية، والله ولي التوفيق والهداية.