ذلك، وفي اختصاصه (عليه السلام) بالأوصاف المذكورة، والحصر المذكور إضافي بالنسبة إلى من يتوقع أنه ولي مثله في ذلك الزمان، ويكفي في صحة الحصر علمه تعالى بأنه يقع فيه التردد، بل يجزم أكثر الأمة بخلافه.
وأيضا فان أئمة الكفر لعنهم الله قد ظهر منهم في زمانه (صلى الله عليه وآله) الطمع في الخلافة والتشاور للامارة. وقد تضافرت أخبار أهل البيت (عليهم السلام) بأنهم لم يؤمنوا أصلا، وإنما أظهروا الوفاق وأخفوا النفاق، وكان (عليه السلام) يصرح تارة ويعرض أخرى بامامة علي (عليه السلام)، وينص على خلافته بعده، فيجدهم قد نبضت عروق حسدهم طمعا منهم في الرئاسة الدنية الدنيوية الجزئية، فضلا عن الرئاسة الكلية.
ومما يدل على حسدهم له (عليه السلام) وطمعهم في الامارة ما رواه المخالفون في أصحتهم، وأورده البخاري ومسلم في صحيحيهما: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال يوم خيبر:
لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فبات الناس يخوضون ليلتهم أيهم يعطاها.
فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل منهم يرجو أن يعطاها، فقال (صلى الله عليه وآله): أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: يا رسول الله أرمد، فقال: أرسلوا إليه، فاتي به فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع الحديث (1).
وفي صحيح مسلم: قال عمر بن الخطاب: فما أحببت الامارة الا يومئذ، فتساورت لها رجاء أن ادعى لها (2).
قال نور الدين علي بن محمد المكي المالكي في كتابه الفصول المهمة في معرفة الأئمة، بعد نقل ذلك ما نصه: قالت العلماء: قوله (تساورت لها) بالسين المهملة أي:
تطاولت لها وحرصت عليها حتى أبديت وجهي وتصديت لذلك ليتذكرني، قالوا: