يدل على ذلك أن قوله تعالى ﴿انا أرسلنا نوحا إلى قومه﴾ (1) وما أشبهه من الألفاظ، لا يصح أن يقال: إنه مجاز. وكذلك قول أحد الملوك: نحن الذين فعلنا كذا، لا يقال إنه خارج عن الحقيقة، لأن العرف قد ألحقه بباب الحقيقة، ولا شك في أن العرف يؤثر في الكلمات هذا التأثير، كما أثر في لفظة (غائط) وما أشبهها، فهي حقيقة عرفية وان كانت مجازا لغويا (2).
وأيضا فقد ورد في أخبارنا أنه قد وقع مثل هذا الفعل من الأئمة الأحد عشر صلوات الله عليهم، وأنهم مرادون معه من الذين آمنوا.
روى ثقة الاسلام في الكافي باسناده عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (إنما وليكم الله ورسوله الذين آمنوا) قال: إنما يعني أولى بكم، أي: أحق بكم وبأموركم من أموالكم وأنفسكم (3)، الله ورسوله والذين آمنوا، يعني: عليا وأولاده الأئمة (عليهم السلام) إلى يوم القيامة.
ثم وصفهم الله عز وجل فقال: (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) في صلاة الظهر، وقد صلى ركعتين وهو راكع وعليه حلة قيمتها ألف دينار، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) كساه إياها، وكان النجاشي أهداها إليه، فجاء سائل فقال: السلام عليك يا ولي الله وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدق على مسكين، فطرح الحلة إليه، وأومئ بيده إليه أن احملها.
فأنزل الله عز وجل هذه الآية، وصير نعمة أولاده بنعمه، فكل من بلغ من أولاده مبلغ الإمامة يكون بهذه النعمة مثله، فيتصدقون وهم راكعون، والسائل الذي سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) من الملائكة، والذين يسألون الأئمة (عليهم السلام) من أولاده يكونون