تعالى (سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما) وشواهد ذلك كثيرة، وليس في ذلك محذور، ولا يلزم من تصرفه في الأمة حينئذ بالتبعية كونه شريكا حقيقيا في النبوة والرئاسة المطلقة، بعد اتفاق المفسرين واستفاضة الأخبار الصريحة بنزولها في شأنه (عليه السلام) ووجود أداة الحصر.
ولا معنى لجعل (وهم راكعون) عطفا، أو جعل راكعون بمعنى خاضعون. هذا مع أن الركوع حقيقة شرعية في الانحناء المخصوص، فحمله على الخضوع مجاز يحتاج إلى دليل قائم وأنى له به.
والصلاة حقيقة شرعية في ذات الركوع والسجود، فذكر الركوع بعدها تكرار محض يوجب تهافت الكلام واختلال النظام، إذ على ما ذكره لا معنى لتوسط (ويؤتون الزكاة) في البين، كما لا يخفى على من له انس بفن البيان.
واجماع المفسرين على نزولها في شأنه حين تصدق بخاتمه في صلاته، نص في حالية الجملة، كما لا يخفى على من له أدنى مسكة.
وكلام الواحدي من عظماء المخالفين صريح في اجماع المفسرين على حالية الجملة، حيث قال: استدل أهل العلم بهذه الآية على أن العمل القليل لا يقطع الصلاة، وان دفع الزكاة إلى السائل في الصلاة جائز مع نية الزكاة انتهى.
ومعلوم أن الاستدلال المذكور مبني على جعل الجملة حالية، كما لا يخفى.
وقوله (الذين صيغة جمع لا ينصرف إلى الواحد الا بدليل) واضح السقوط، لأن لفظة (الذين) وان كانت موضوعة للجمع، الا أن استعمالها في الواحد في مواضع التفخيم مما لا مجال للتردد فيه، ولا ينكره الا مكابر مباهت، كالقوشجي وأمثاله من السوفسطائية.
على أن سيدنا الأجل المرتضى علم الهدى - قدس الله روحه ونور الله ضريحه - ذكر في الشافي أنه لا يمتنع أن يكون بالعرف وكثرة الاستعمال قد دخلت في أن تستعمل في الواحد المعظم أيضا على سبيل الحقيقة دون المجاز.