الأنصاري فيما حضره وسمعه عن النبي (صلى الله عليه وآله) في ذلك اليوم، حيث تنحى أصحابه عنه بعد فراغه من مبعثه ونصه على علي (عليه السلام) بالإمامة بعده، فخاف (عليه السلام) أن يكونوا كرهوا ذلك.
فقال جابر: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزل بخم فتنحى الناس عنه، ونزل معه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فشق ذلك على النبي (صلى الله عليه وآله) تأخر الناس، فأمر عليا فجمعهم، فلما اجتمعوا قام فيهم وهو متوسد يد علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فحمد الله وأثنى عليه.
ثم قال: أيها الناس أنه قد كرهت تخلفكم عني حتى خيل إلي أنه ليس شجرة أبغض إليكم من الشجرة التي تليني، ثم قال: لكن علي بن أبي طالب أنزله الله مني بمنزلتي منه، فرضي الله عنه كما أنا عنه راض، فإنه لا يختار على قربي ومحبتي شيئا، ثم رفع يده وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.
قال: فابتدر الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبكون ويتضرعون ويقولون: يا رسول الله ما تنحينا عنك الا كراهية أن نثقل عليك، فنعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله، فرضي رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنهم عند ذلك (1).
وروى الزهري (2) من ثقات القوم وعظمائهم، قال: لما حج رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجة الوداع وعاد قاصدا المدينة قام بغدير خم، وهوما بين مكة والمدينة، وذلك في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام وقت الهاجرة (3)، فقال: أيها الناس اني مسؤول وأنتم مسؤولون هل بلغت؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت، قال:
وأنا أشهد أني بلغت ونصحت.