النبي 9: لا تلجي، فرجعت وجلست مكاني حتى إذا قلت: قد زالت الشمس الان يخرج إلى الصلاة، فيذهب يومي ولم أر يوما قط أطول منه، فأقبلت أمشي حتى وقفت، فقلت: السلام عليكم ألج؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): نعم فلجي.
فدخلت وعلي واضع يده على ركبتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أدنى فاه من اذن النبي (صلى الله عليه وآله)، وفم النبي (صلى الله عليه وآله) على اذن علي يتساران، وعلي يقول: أفأمضي وأفعل؟
والنبي (صلى الله عليه وآله) يقول: نعم، فدخلت وعلي معرض وجهه عني حتى دخلت وخرج.
فأخذني النبي (صلى الله عليه وآله) وأقعدني في حجره، وأصاب مني ما يصيب الرجل من أهله من اللطف والاعتذار، ثم قال: يا أم سلمة لا تلوميني، فان جبرئيل (عليه السلام) أتاني من الله تعالى بما هو كائن بعدي، وأمرني أن أوصي به عليا من بعدي، وكنت جالسا بين جبرئيل وبين علي، جبرئيل عن يميني وعلي عن شمالي.
فأمرني جبرئيل (عليه السلام) أن آمر عليا بما هو كائن بعدي إلى يوم القيامة، فاعذريني ولا تلوميني، ان الله عز وجل اختار من كل أمة نبيا، واختار لكل نبي وصيا، فأنا نبي هذه الأمة، وعلي وصيي في عترتي وأهل بيتي وأمتي من بعدي.
فهذا ما شهدت من علي، الان يا أبتاه فسبه أودعه، فأقبل أبوها يناجي الليل والنهار، اللهم اغفر لي ما جهلت من أمر علي، فان وليي ولي علي، وعدوي عدو علي، وتاب المولى توبة نصوحا، وأقبل فيما بقي من عمره يدعو الله أن يغفر له (1).
أقول: هذا الخبر من الأخبار الواضحة الدلالة على إمامته (عليه السلام)، والناصة على خلافته ووصيته، وقد أورده صاحب الطرائف عطر الله مرقده ناقلا له عن ابن مردويه من عظمائهم، ثم قال بعد ايراده له ما نصه:
قال عبد المحمود: فهذه شهادة صريحة منهم بوصية علي (عليه السلام)، وكمال لم يبلغ إليه