أبيه، عن الأزدي قال: سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة يقول: كنت أدخل إلى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فيقدم لي مخدة ويعرف لي قدرا ويقول: مالك إني أحبك، فكنت أسر بذلك وأحمد الله عليه قال: وكان عليه السلام: رجلا لا يخلو من إحدى ثلاث خصال، إما صائما، وإما قائما، وإما ذاكرا، وكان من عظماء العباد وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عز وجل، وكان كثير الحديث طيب المجالسة كثير الفوائد، فإذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اخضر مرة واصفر مرة أخرى، حتى ينكره من كان يعرفه، ولقد حججت معه سنة فلما استوت به راحلته عند الاحرام كان كلما هم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، وكاد أن يخر من راحلته، فقلت: قل يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ولابد لك من أن تقول، فقال: يا ابن أبي عامر! كيف أجسر أن أقول: لبيك اللهم لبيك وأخشى أن يقول عز وجل لي: لا لبيك ولا سعديك (1).
2 - تفسير علي بن إبراهيم: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " يقول: الإبل المهزولة، قال: ولما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت أمره الله أن يؤذن في الناس بالحج، فقال: يا رب وما يبلغ صوتي فقال الله: عليك الاذان وعلي البلاغ، وارتفع إلى المقام وهو يومئذ يلصق بالبيت فارتفع به المقام حتى كان أطول من الجبال، فنادى وأدخل أصبعه في أذنيه وأقبل بوجهه شرقا وغربا يقول: أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فأجيبوا ربكم، فأجابوه من تحت البحور السبع، ومن بين المشرق والمغرب إلى منقطع التراب من أطرافها - أي الأرض - كلها ومن أصلاب الرجال وأرحام النساء بالتلبية " لبيك اللهم لبيك " أولا ترونهم يأتون يلبون، فمن حج من يومئذ إلى يوم القيامة فهم ممن استجاب لله وذلك قوله " فيه آيات بينات مقام إبراهيم " يعني نداء إبراهيم على المقام بالحج (2).