فقط دون الناس، أو عرفه الله بالخير والايمان والصلاح، أي اتصف بها واقعا " ولم يعرفه الناس " بها، ويمكن أن يقرأ على بناء التفعيل أي عرفه الله نفسه وأولياءه ودينه بتوسط حججه عليهم السلام ولم تكن معرفته من الناس، أي من سائر الناس ممن لا يجوز أخذ العلم عنه، لكنه بعيد " أولئك مصابيح الهدى " أولئك إشارة إلى جنس عبد النومة، وفيه إشارة إلى أن المراد بالناس الظلمة والمخالفون لا أهل الحق من المؤمنين المسترشدين، وهذا وجه جمع حسن بين أخبار مدح العزلة كهذا الخبر وذمها وهو أيضا كثير أو باختلاف الأزمنة والأحوال، فإنه يومئ إليه أيضا هذا الخبر، كذا قوله: " وينابيع العلم " فإنه يدل على انتفاع الناس بعلمهم.
" ينجلي " أي ينكشف ويذهب " عنهم كل فتنة مظلمة " أي الفتنة التي توجب اشتباه الحق والدين على الناس، وانجلاؤها عنهم كناية عن عدم صيرورتها سببا لضلالتهم، بل هم مع تلك الفتن المضلة على نور الحق واليقين " ليسوا بالبذر المذاييع " قال في النهاية في حديث فاطمة عليها السلام عند وفات النبي صلى الله عليه وآله: قالت لعائشة أني إذا لبذرة، البذر الذي يفشي السر ويظهر ما يسمعه، ومنه حديث علي عليه السلام في صفة الصحابة " ليسوا بالمذاييع البذر " جمع بذور، يقال: بذرت الكلام بين الناس كما تبذر الحبوب أي أفشيته وفرقته وقال: المذاييع جمع مذياع من أذاع الشئ إذا أفشاه وقيل: أراد الذين يشيعون الفواحش، وهو بناء مبالغة.
وقال: الجفاء غلظ الطبع، ومنه في صفة النبي صلى الله عليه وآله " ليس بالجافي ولا بالمهين " أي ليس بالغليظ الخلقة والطبع، أو ليس بالذي يجفو أصحابه، وفي القاموس: البذور والبذير النمام ومن لا يستطيع كتم سره ورجل بذر ككتف كثير الكلام انتهى وقيل: الجافي هو الكز الغليظ السئ الخلق كأنه جعله لانقباضه مقابلا لمنبسط اللسان الكثير الكلام، والمراد النهي عن طرفي الافراط والتفريط والامر بلزوم الوسط.
29 - الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن