كان شرا لكم وأخذ برقبة صاحب هذا الامر، قال أبو جعفر عليه السلام: ولاية الله أسرها إلى جبرئيل، وأسرها إلى محمد صلى الله عليه وآله، وأسرها محمد صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام وأسرها علي عليه السلام إلى من شاء الله، ثم أنتم تذيعون ذلك! من الذي أمسك حرفا سمعه؟ قال أبو جعفر عليه السلام: في حكمة آل داود: ينبغي للمسلم أن يكون مالكا لنفسه، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه.
فاتقوا الله ولا تذيعوا حديثنا، فلولا أن الله يدافع عن أوليائه، وينتقم لأوليائه من أعدائه، أما رأيت ما صنع الله بآل برمك؟ وما انتقم الله لأبي الحسن عليه السلام؟ وقد كان بنو الأشعث على خطر عظيم، فدفع الله عنهم بولايتهم لأبي الحسن، أنتم بالعراق ترون أعمال هؤلاء الفراعنة، وما أمهل الله لهم، فعليكم بتقوى الله، ولا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا تغتروا بمن قد امهل له، فكأن الامر قد وصل إليكم (1).
تبيان: قوله " عن مسألة " كأنها كانت مما يلزم التقية فيها، أو من الاخبار الآتية التي لا مصلحة في إفشائها، أو من الأمور الغامضة التي لا تصل إليها عقول أكثر الخلق كغرائب شؤونهم وأحوالهم عليهم السلام وأمثالها من المعارف الدقيقة " واخذ " بصيغة المجهول عطفا على " كان " أو على صيغة التفضيل، عطفا على شر، أو نسبة الاخذ إلى الاعطاء إسناد إلى السبب " وصاحب هذا الامر " الإمام عليه السلام " ولاية الله " أي الإمامة وشؤونها وأسرارها وعلومها ولاية الله وإمارته وحكومته، وقيل: المراد تعيين أوقات الحوادث، ولا يخفى ما فيه " إلى من شاء الله " أي الأئمة.
" ثم أنتم " ثم للتعجب وقيل: استفهام إنكاري " من الذي أمسك " الاستفهام للانكار أي لا يمسك أحد من أهل هذا الزمان حرفا لا يذيعه فلذا لا نعتمد عليهم أو لا تعتمدوا عليهم " في حكمة آل داود " أي الزبور أو الأعم منه أي داود وآله " مالكا لنفسه " أي مسلطا عليها يبعثها إلى ما ينبغي ويمنعها عما لا ينبغي، أو مالكا لأسرار نفسه لا يذيعها " مقبلا على شأنه " أي مشتغلا باصلاح نفسه متفكرا فيما ينفعه فيجلبه وفيما