أبي الحسن الأصفهاني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: طوبى لكل عبد نؤمة لا يؤبه له، يعرف الناس ولا يعرفه الناس، يعرفه الله منه برضوان أولئك مصابيح الهدى، ينجلي عنهم كل فتنة مظلمة، ويفتح لهم باب كل رحمة، ليسوا بالبذر المذاييع، ولا الجفاة المرائين.
وقال: قولوا الخير تعرفوا به، واعملوا الخير تكونوا من أهله، ولا تكونوا عجلا مذاييع، فان خياركم الذين إذا نظر إليهم ذكر الله، وشراركم المشاؤن بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، المبتغون للبراء المعايب (1).
تبيان: قال في النهاية: فيه " رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبر قسمه " أي لا يبالي به ولا يلتفت إليه، يقال: ما وبهت له بفتح الباء وكسرها وبها ووبها بالسكون والفتح وأصل الواو الهمزة انتهى " يعرف الناس " أي محقهم ومبطلهم، فلا ينخدع منهم " يعرفه الله " كأن بناء التفعيل هنا أظهر، وقوله " منه " متعلق بيعرفه أي من عنده ومن لدنه كما أراد، بسب رضاه عنه أو متلبسا برضاه، وربما يقرأ " منه " بفتح الميم وتشديد النون أي نعمته التي هي الامام أو معرفته " ويفتح له باب كل رحمة " أي من رحمات الدنيا والآخرة كالفوائد الدنيوية والتوفيقات الأخروية، والإفاضات الإلهية والهدايات الربانية.
و " قولوا الخير تعرفوا به " أي لتعرفوا به أو قولوه كثيرا حتى تصيروا معروفين بقول الخير، وعلى الأول مبني على أن الخير مما يستحسنه العقل وكفى بالمعروفية به ثمرة لذلك، وكذا الوجهان جاريان في الفقرة الأخيرة، والعجل بضمتين جمع العجول، وهو المستعجل في الأمور الذي لا يتفكر في عواقبها " الذين إذا نظر إليهم ذكر الله " على بناء المجهول فيهما أي يكون النظر في أعمالهم وأطوارهم لموافقتها للكتاب والسنة، وإشعارها بفناء الدنيا وإيذانها بايثار رضى الله وحبه مذكرا لله سبحانه وثوابه وعقابه، وفي القاموس: النم التوريش والاغراء ورفع الحديث إشاعة له وإفسادا وتزيين الكلام بالكذب والنميمة الاسم " المفرقون بين