بيان: " ثلاث " أي ثلاث خصال " لم يتم له عمل " أي لم يكمل ولم يقبل منه عمل من العبادات أو الأعم منها ومن أمور المعاش، ومعاشرة الخلق، فتأثير الورع في قبول الطاعات وكمالها ظاهر لأنه " إنما يتقبل الله من المتقين " (1) وكذا الأخيران لان تركهما قد ينتهي إلى ارتكاب المعاصي، ويحتمل أن يكونا لأمور المعاش بناء على تعميم العمل، وكأن الفرق بين الخلق والحلم أن الخلق وجودي، وهو فعل ما يوجب تطييب قلوب الناس ورضاهم والحلم عدمي وهو ترك المعارضة والانتقام في الإساءة، وقال في النهاية: فيه رأس العقل بعد الايمان مداراة الناس: المداراة غير مهموزة ملاينة الناس وحسن صحبتهم واحتمالهم، لئلا ينفروا عنك وقد تهمز.
105 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم عن الحسين بن الحسن قال: سمعت جعفرا عليه السلام يقول: جاء جبرئيل عليه السلام إلي النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد ربك يقرئك السلام، ويقول لك: دار خلقي (2).
بيان: المداراة إما مخصوصة بالمؤمنين، أو تعم المشركين أيضا، مع عدم الاضطرار إلى المقابلة والمحاربة، كما كان دأبه صلى الله عليه وآله فإنه كان يداريهم ما أمكن فإذا لم يكن ينفع الوعظ والمداراة، كان يقاتلهم ليسلموا، وبعد الظفر عليهم أيضا كان يعفو ويصفح، ولا ينتقم منهم، ويحتمل أن يكون ذلك قبل أن يؤمر صلى الله عليه وآله بالجهاد.
106 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر عليه السلام قال: في التوراة مكتوب فيما ناجى الله عز وجل به موسى بن عمران عليه السلام يا موسى اكتم مكتوم سري في سريرتك وأظهر في علانيتك المداراة عني لعدوي وعدوك من خلقي، ولا تستسب لي عندهم باظهار مكتوم سري، فتشرك عدوك وعدوي في سبي (3).