بقوله: " ولا تميلوا عليهم " على بناء المجرد، والتعدية بعلى للضرر أي لا تعارضوهم إرادة للغلبة، قال في المصباح: مال الحاكم في حكمه ميلا جار وظلم فهو مائل، ومال عليهم الدهر أصابهم بجوائحه، وفي النهاية فيه: لا يهلك أمتي حتى يكون بينهم التمايل والتمايز، أي لا يكون لهم سلطان يكف الناس عن التظالم فيميل بعضهم على بعض بالأذى والحيف انتهى.
وقيل: هو على بناء الافعال أو التفيعل، أي لا تعارضوهم لتميلوهم من مذهب إلى مذهب آخر، وهو تكلف، وإن كان أنسب بما بعده، وفي القاموس رجل أبله بين البله والبلاهة، غافل أو عن الشر، أو أحمق لا تمييز له، والميت الداء أي من شره ميت، والحسن الخلق القليل الفطنة لمداق الأمور أو من غلبته سلامة الصدر (1) وفي المصباح: صبرت صبرا من باب ضرب حبست النفس عن الجزع وصبرت زيدا يستعمل لازما ومتعديا وصبرته بالتثقيل حملته على الصبر بوعد الاجر، أو قلت له: اصبر انتهى، والحاصل أنه لفساد الزمان وغلبة أهل الباطل يختار العزلة والخمول، ولا يعارض الناس ولا يتعرض لهم، ويتحمل منهم أنواع الأذى، حتى يظن الناس أن ذلك لبلاهته وقلة عقله.
109 - الكافي: عن علي، عن بعض أصحابه ذكره، عن محمد بن سنان، عن حذيفة ابن منصور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن قوما من الناس قلت مداراتهم للناس فانفوا من قريش، وأيم الله ما كان بأحسابهم بأس، وإن قوما من غير قريش حسنت مداراتهم فالحقوا بالبيت الرفيع، قال: ثم قال: من كف يده عن الناس فإنما يكف عنهم يدا واحدة، ويكفون عنه أيدي كثيرة (2).
بيان: قوله عليه السلام: " فانفوا من قريش " كذا في أكثر النسخ وكأنه على بناء الافعال مشتقا من النفي بمعني الانتفاء، فان النفي يكون لازما ومتعديا لكن هذا البناء لم يأت في اللغة، أو هو على بناء المفعول من أنف من قولهم أنفه يأنفه ضرب أنفه فيدل على النفي مع مبالغة فيه، وهو أظهر