استقرار إيمانه في قلبه، أو المراد بالكفر كفر نعمة الاخوة، فهو مع هذا القصد قريب من الكفر، ويتحقق الكفر بوقوع التعنيف بل ينبغي للأخ في الله إذا عرف من أخيه عثرة أن ينظر أولا إلى عثرات نفسه، ويطهر نفسه عنها، ثم ينصح أخاه بالرفق واللطف والشفقة، ليترك تلك العثرات، وتكمل الاخوة والصداقة.
ويمكن أن يكون المراد بتلك العثرات ما ينافي حسن الصحبة والعشرة وأما ما ينافي الدين من الذنوب، فلا يعنفه على رؤوس الخلائق، ولكن يجب عليه من باب النهي عن المنكر زجره عنها، على الشروط والتفاصيل التي سنذكرها في محلها إنشاء الله تعالى.
21 - الكافي: عن محمد، عن أحمد، عن علي بن النعمان، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الايمان إلى قبله! لا تذموا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته (1).
بيان: المعشر الجماعة من الناس والجمع معاشر، والإضافة من قبيل إضافة متعدد إلى جنسها، وخلص إليه الشئ كنصر: وصل، وفيه دلالة على أن من أصر على المعاصي فهو كالمنافقين الذين قال الله تعالى فيهم: " قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم " (2) إذ لو دخل الايمان قلبه واستقر فيه، ظهرت آثاره في جوارحه، وإن أمكن أن يكون الخطاب للمنافقين الذين كانوا بين المسلمين وكانوا يؤذونهم ويتبعون عثراتهم.
وقوله: " ولا تتبعوا " من باب التفعيل بحذف إحدى التائين في المصباح تتبعت أحواله تطلبتها شيئا بعد شئ في مهلة، والعورة كل أمر قبيح يستره الانسان أنفة أو حياء، والمراد بتتبع الله سبحانه عورته منع لطفه وكشف ستره، ومنع الملائكة عن ستر ذنوبه وعيوبه، فهو يفتضح في السماء والأرض ولو أخفاها وفعلها في جوف بيته واهتم باخفائها، أو المعنى ولو كانت فضيحته عند أهل بيته