الأذهان (1).
بيان: " لسانا واحدا " أي لا تقول في الأحوال المختلفة شيئين مختلفين للأغراض الباطلة، فيشمل الرئاء والفتاوى المختلفة، وما ذكره " وكذلك قلبك " أي ليكن باطن قلبك موافقا لظاهره، إذ ربما يكون الشئ كامنا في القلب يغفل عنه نفسه كحب الدنيا، فينخدع ويظن أنه لا يحبها، وأشباه ذلك; ثم يظهر له ذلك في الآخرة بعد كشف الحجب الظلمانية النفسانية أو في الدنيا أيضا بعد المجاهدة والتفكر في خدع النفس وتسويلاتها ولذا قال سبحانه بعده " إني أحذرك نفسك " وقد قال تعالى " بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل " (2) ويحتمل أن يكون المعنى: وكذلك ينبغي أن يكون قلبك موافقا للسانك فلا تقول ما ليس فيه، أو المعنى أنه ما يجب أن يكون اعتقاد القلب واحدا واصلا إلى حد اليقين، ويطمئن قلبه بالحق ولا يتزلزل بالشبهات، فيعتقد اليوم شيئا وغدا نقيضه، أو يجب أن تكون عقائد القلب متوافقة متناسبة لا كقلوب أهل الضلال والجهال، فإنهم يعتقدون الضدين والنقيضين لتشعب أهوائهم وتفرق آرائهم من حيث لا يشعرون، كاعتقادهم بأفضلية أمير المؤمنين وتقديمهم الجهال عليه، واعتقادهم بعدله تعالى وحكمهم بأن الكفر وجميع المعاصي من فعله ويعذبهم عليها، واعتقادهم بوجوب طاعة من جوزوا فسقه وكفره، وأمثال ذلك كثيرة.
أو المعنى أن المقصود الحقيقي والغرض الأصلي للقلب لا يكون إلا واحدا ولا تجتمع فيه محبتان متضادتان، كحب الدنيا والآخرة، وحب الله و حب معاصية والشهوات التي نهى عنها، فمن اعتقد أنه يحب الله تعالى ويتبع الهوى، ويحب الدنيا، فهو كذي اللسانين الجامع بين مؤالفة المتباغضين، فان الدنيا والآخرة كضرتين، وطاعة الله وطاعة الهوى كالمتباغضين، فقلبه منافق