والأول أظهر، فيدل على أنه لا بأس بسب غير المؤمن إذا لم يكن قذفا بل يمكن أن يكون المراد بالمؤمن من لا يتظاهر بارتكاب الكبائر، ولا يكون مبتدعا مستحقا للاستخفاف.
قال المحقق في الشرايع: كل تعريض بما يكرهه المواجه، ولم يوضع للقذف لغة ولا عرفا يثبت به التعزير إلى قوله: ولو كان المقول له مستحقا للاستخفاف، فلا حد ولا تعزير، وكذا كل ما يوجب أذى كقوله: يا أجذم أو يا أبرص.
وقال الشهيد الثاني رحمه الله في شرحه: لما كان أذى المسلم الغير المستحق للاستخفاف محرما فكل كلمة تقال له ويحصل له بها الأذى، ولم تكن موضوعة للقذف بالزنا وما في حكمه لغة ولا عرفا، يجب بها التعزير بفعل المحرم كغيره من المحرمات ومنه التعيير بالأمراض، وفي صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل سب رجلا بغير قذف يعرض به، هل يجلد؟
قال: عليه التعزير (1) والمراد بكون المقول له مستحقا للاستخفاف أن يكون فاسقا متظاهرا بفسقه، فإنه لا حرمة له حينئذ لما روي عن الصادق عليه السلام إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة، وفي بعض الأخبار من تمام العبادة الوقيعة في أهل الريب، وفي الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي، فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبهم والقول فيهم، والوقيعة، وباهتوهم لئلا يطغوا في الفساد في الاسلام، ويحذرهم الناس، ولا يتعلمون من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات، ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة (2) والفسق في اللغة الخروج عن الطاعة مطلقا، لكن يطلق غالبا في الكتاب والسنة على الكفر، أو ارتكاب الكبائر العظيمة، قال في المصباح: فسق فسوقا من باب قعد خرج عن الطاعة، والاسم الفسق، ويفسق بالكسر لغة، ويقال: أصله خروج الشئ من الشئ على وجه الفساد، ومنه فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها