فيضربوا باب الجنة فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن الفقراء، فيقال لهم: أقبل الحساب؟ فيقولون: ما أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه، فيقول الله عز وجل: صدقوا ادخلوا الجنة (1).
بيان: " أقبل الحساب " أي أتدخلون الجنة قبل الحساب على التعجب أو الانكار " ما أعطيتمونا " أي ما أعطانا الله شيئا وإضافته إلى الملائكة لأنهم مقربوا جنابه بمنزلة وكلائه " تحاسبونا " قيل: يجوز فيه تشديد النون كما قرئ في سورة الزمر " تأمروني " (2) بالتخفيف وبالتشديد وبالنونين والمخاطب في " صدقوا " الملائكة وفي " ادخلوا " الفقراء إذا قرئ على بناء المجرد كما هو الظاهر، وأمرهم بالدخول يستلزم أمر الملائكة بفتح الباب ويمكن أن يقرأ على بناء الافعال فالمخاطب الملائكة أيضا وقيل: هو من قبيل ذكر اللازم وإرادة الملزوم، أي افتحوا الباب ولذا حذف المفعول بناء على أن فتح الباب سبب لدخول كل من يستحقه، وإن كان الباعث الفقراء، وكان هذا مبني على ما سيأتي من أن الله تعالى لا يحاسب المؤمنين على ما أكلوا ولبسوا ونكحوا وأمثال ذلك إذا كان من حلال.
22 - الكافي: عن العدة، عن البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن مبارك غلام شعيب قال: سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام يقول: أن الله عز وجل يقول: إني لم اغن الغني لكرامة به علي ولم أفقر الفقير لهوان به علي، وهو مما ابتليت به الأغنياء بالفقراء ولولا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنة (3).
بيان: " وهو مما ابتليت به الأغنياء " كأن ضمير هو راجع إلى التفاوت المفهوم من الكلام السابق، أقول: إذا كان من للتبعيض يدل على أن ابتلاء الناس بعضهم ببعض يكون على وجوه شتى منها ابتلاؤهم بالفقر والغنا، ويحتمل أن يكون من للتعليل " ولولا الفقراء " كأن المعنى أن عمدة عبادة الأغنياء إعانة الفقراء أو أنه يلزم الغنا أحوال لا يمكن تداركها إلا برعاية الفقراء فتأمل.