فما يصنع الناس (1) بالمعالج؟ فقال: تطيب بذلك نفوسهم فسمي الطبيب طبيبا لذلك.
وأصل الطبيب المداوي.
وكان داود عليه السلام تنبت في محرابه كل يوم حشيشة، فتقول: خذني، فإني أصلح لكذا وكذا. فرأى في آخر عمره حشيشة نبتت في محرابه، فقال له: ما اسمك قالت: أنا الخرنوبة. فقال داود عليه السلام: خرب المحراب. ولم ينبت فيه شئ بعد ذلك.
وقال النبي عليه السلام: من لم يشفه الحمد فلا شفاه الله.
وقال الشيخ المفيد - قدس الله روحه - في شرحه عليها: الطب صحيح، والعلم به ثابت، وطريقه الوحي، وإنما أخذه العلماء به عن الأنبياء. وذلك أنه لا طريق إلى علم حقيقة الداء إلا بالسمع، ولا سبيل إلى معرفة الدواء إلا بالتوفيق فثبت أن طريق ذلك هو السمع عن العالم بالخفيات تعالى. والاخبار عن الصادقين عليهم السلام مفسرة بقول أمير المؤمنين عليه السلام " المعدة بيت الأدواء (2) والحمية رأس الدواء. وعود كل بدن ما اعتاد ".
وقد ينجع في بعض أهل البلاد من الدواء من مرض يعرض لهم ما يهلك من استعمله لذلك المرض من غير أهل تلك البلاد، ويصلح لقوم ذوي عادة ما لا يصلح لمن خالفهم في العادة.
وكان الصادقون عليهم السلام يأمرون بعض أصحاب الأمراض باستعمال ما يضر بمن كان به المرض فلا يضره. وذلك لعلمهم عليهم السلام بانقطاع سبب المرض. فإذا استعمل الانسان ما يستعمله كان مستعملا له مع الصحة من حيث لا يشعر بذلك، وكان علمهم بذلك من قبل الله تعالى على سبيل المعجز لهم والبرهان لتخصيصهم به وخرق العادة بمعناه.
فظن قوم أن ذلك الاستعمال إذا حصل مع مادة المرض نفع، فغلطوا فيه واستضروا به وهذا قسم لم يورده أبو جعفر، وهو معتمد في هذا الباب. والوجوه التي ذكرناها من